بفضل قوة شخصيتها، وجرأتها وتصميمها، تمكنت الشابة المغربية هاجر سعيد من شق طريقها نحو النجاح في قطاع حيوي بإفريقيا : المياه والبيئة، وهو تجسيد واضح للتميز الذي لازمها منذ نعومة أظافرها، معرفتها ليست نتيجة للصدفة، بل تتويج لتكوين أكاديمي متين وتجربة مهنية غنية ومتطورة، حيث أثبتت نفسها بفضل إرادتها وفضولها ومثابرتها. مع حصول هاجر على شهادة الماستر في تخصص إدارة المياه والبيئة من كلية العلوم بالرباط في 2009، لم يتوقف شغفها للتعلم عند هذا الحد، إذ قررت السفر إلى فرنسا من أجل متابعة تكوين في مجال هندسة المياه وإدارة البيئة في جامعة ليموج. بعد العديد من التكوينات التي أضيفت إلى رصيدها لدى مقاولات فرنسية ومغربية فاعلة في مجال المياه والبيئة، منها المكتب الوطني للماء والكهرباء، تسلمت هاجر عرضها الوظيفي الأول في مكتب دراسات مغربي حتى قبل الانتهاء من تعليمها. وفي هذا السياق، قالت هاجر، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، " نجحت في اختيار تكويناتي بدقة من أجل اكتساب التجربة بسرعة وتعزيز مداركي للاستعداد أكثر للولوج إلى المجال المهني "، مضيفة، وهي تتكلم بحماس، "تجربتي في مكتب دراسات مغربي سمحت لي بالحصول على خبرة في الاستشارات وهندسة المياه وإدارة البيئة". ولأن الحياة مليئة بالفرص، فإن هاجر، التي ترى المستقبل بعين التفاؤل الشديد، تركت وظيفتها بحثا عن العروض التي تتوافق مع طموحاتها، لتحط الرحال في شركة أسترالية متعددة الجنسيات تقدم خدمات استشارية في مجال مشاريع البنية التحتية الكبرى بجميع أنحاء العالم. وقالت هاجر في هذا الصدد " إن مكتب الدراسات الأسترالي قرر فتح مقر في المغرب وهو ما دفعه إلى البحث عن خبراء يملكون خبرة لا تقل عن 15 عاما"، ولكن هذا الشرط لم يمنع هاجر من تقديم ترشيحها، لتكون بذلك أول تعيين بمكتب الدراسات الذي اختار الرباط كمقر لشمال إفريقيا. "لقد منحتني هذه التجربة الفرصة للتعرف على قطاع المياه والبيئة في شمال إفريقيا "، تقول هاجر وهي مسلحة بإرادة قوية لتملك مصيرها بنفسها وتصميم مسارها المهني الذي يتوافق مع طموحاتها. في عام 2017، دفعها شغفها بالعالم الأخضر إلى القبول باقتراح الولوج إلى مرحلة جديدة واكتشاف إفريقيا جنوب الصحراء. بإحساس متسلح بروح المبادرة والطموح بلا حدود، لم تردد هاجر في مواجهة مشاعر الغربة والبعد عن وطنها الأم من أجل بناء مسارها المهني في غانا. "كانت بالنسبة لي بداية مغامرة، مغامرة كبيرة"، تقول هاجر المنحدرة من الرباط والمهتمة أساسا "بالمشاريع المتعلقة بالتغيرات المناخية ومكافحة هذه التغيرات". ليست مهمة سهلة. لكن هذا ليس مستحيلا جراء "الانبهار الكبير" بإفريقيا وثقافاتها المتنوعة. بالنسبة لهذه الخبيرة، بالكاد تبلغ من العمر 34 عاما، تتيح لها المسؤولية الجديدة داخل الشركة متعددة الجنسيات تجميع الخبرات في مجال احتياجات القارة الإفريقية، من حيث البنية التحتية والتحديات التي تواجه تنفيذ مشاريع الماء والبيئة. رحلاتها إلى كل من سيراليون وبنين والطوغو وجنوب إفريقيا والسنغال أعطت الفتاة المغربية الفرصة لإطلاق مشاريع تنموية يكون وقعها على السكان واضحا وقيمة مضافة كبيرة بالنسبة لهم. من خلال سماع كلامها، يمكن معرفة بسهولة وصفتها السحرية في النجاح، والمتكونة من الالتزام والمثابرة والطموح. وقالت هاجر، في هذا الصدد، "كل مسار مهني محفوف بالمصاعب والعقبات. ومع ذلك ، يكفي إظهار المثابرة والثبات وقبل كل شيء مرونة كبيرة في مواجهة مختلف الصدمات الخارجية من أجل تجاوزها ومواصلة الطريق". بالنسبة لها، إذا توفرت الكفاءة وتطور الأداء عبر السنين، لا شيء يمكن أن يعرقل أي مسار يتشكل ويتقوى. تحتاج فقط إلى معرفة كيفية فرض نفسك والحصول على الثقة بالنفس من خلال إرادة قوية. غانا، هو بلدي الثاني، بهذه الكلمة تصف هاجر حبها لهذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، والتي تسحرها بكرم الضيافة وثرائها الثقافي. ومضت بالقول " كوني مغربية وإفريقية، كان الاندماج في غانا سهلا وبدون صعوبات". بخصوص وضعية المرأة بإفريقيا، تعتقد هاجر أن المرأة الإفريقية منخرطة في جميع المجالات، وتساهم في تنمية بلدها إلى جانب الرجل.