درس في تشكيل الحكومة يبدو أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لا يفهم شيئا في تشكيل الحكومة ولم يستوعب آليات تأويل الدستور الجديد، فهو يفهم فقط في تأويل النصوص المقدسة ليدنسها بحماقاته الشبيهة بحماقات الأميين وجهال الأضرحة والأسواق، فكيف يسمح زعيم سياسي و"ديني"، ويحتم علينا جهله بالدين وضعه بين قوسين، كيف يسمح لنفسه بطلب شيء ليس من حق أحد أن يمنحه لأحد؟. لقد طلب بنكيران رئاسة الحكومة لمدة ستة أشهر كي يرينا "حنة يديه" فيما يمكن أن يفعله، طبعا نحن نعرف أشياء كثيرة يمكن أن يقوم بها بنكيران في هذه الستة أشهر، لكن لا تتعدى تجذير جماعة التوحيد والإصلاح في مرافق الدولة ومؤسساتها في إطار "خونجة" المجتمع، لكن لا نعرف مشروعه المجتمعي بدقة لأنه لم يفصح عنه في أي وقت من الأوقات، فكل ما قدمه إلى الآن هو النوايا الحسنة التي لا تجوز في ممارسة السياسة لأننا لا نعرف هل بمقدور بنكيران أن يهيء فريقا حكوميا أم أنه يريد الحكومة ليوزع الغنيمة على رفاقه الذين "داخوا" بعد أن انفتحت عليهم أبواب النعم. هذا الطلب، الذي عاد بنكيران لينفيه وأكده العديد ممن حضروا اللقاء الذي قال فيه الكلام المذكور، يبين عن جهل واضح بالأمور السياسية وبالمساطر الديمقراطية، فبنكيران يعتقد أن رئاسة الحكومة في يد شخص من الأشخاص ويمكن أن يمنحها لمن شاء وقتما شاء، والواقع عكس ذلك فالدستور الجديد حسم الموضوع ووضع مسلكا واضحا لرئاسة الحكومة يتمثل في الفوز بالرتبة الأولى، لكن هذه المسألة عليها استشكال سياسي في حالة فشل رئيس الحكومة الفائز في تشكيل الحكومة في الآجال القانونية. نعتقد أن المراسيم القانونية لتشكيل الحكومة ومدة التشاور حول الحقائب، التي يسيل لها لعاب بنكيران ورفاقه بعد طفرة الكراسي البرلمانية محددة بدقة، وفي حالة عدم تمكن الرئيس من تشكيل الحكومة سيعلن الديوان الملكي عن هذا الأمر لتبدأ عملية أخرى، وليس من حق بنكيران أن يتباكى إذا ما رفضت بعض الأحزاب التحالف معه خصوصا بعد بداية تشكل أقطاب سياسية وفق معايير أيديولوجية وسياسية حيث يمكن فرز قطب ليبرالي وقطب يساري، فعلى العدالة والتنمية أن يبحث منذ اليوم عن تشكيل قطب للمحافظين حتى يكون مهيأ لتشكيل الحكومة. إذن فرئاسة الحكومة عملية واضحة ومعقدة لأنها عملية سياسية ليس فيها طلب وليست منحة، ولكنها كسب سياسي نتيجة التفاعل مع المجتمع ومع الأصوات الناخبة، فالشعب الذي صوت للدستور الجديد منح تفويضا لمن يستحق قيادة الشأن العام ويمتلك المهارات والكفاءات العلمية والتقنية للتسيير، وبالتالي فإن صناديق الاقتراع هي الفيصل والحكم ولا يمتلك أي حزب امتيازا من الامتيازات إلا إذا كان حزب بنكيران، وهو بالمناسبة هدية من إدريس البصري، يعتقد أنه أفضل الأحزاب. فلا فضل لحزب على آخر إلا بالتقوى السياسية التي ليست سوى القدرة على تدبير الشأن العام وفق القواعد المرعية ووفق الدستور الجديد. دستور الثورة الديمقراطية.