الغباء السياسي بدأت التكتلات تلتئم استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة، وإذا كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد شرع في تجميع قوى اليسار من أجل قطب يساري كبير، وإذا كانت أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري شرعت في لملمة التنظيمات ذات التوجه الليبرالي، فإن أحزاب أخرى لم تجد بعد مكانها في التحالفات، فحزب الاستقلال وجد نفسه خارج هذه التشكيلات فلا هو في الكتلة الديمقراطية ولا هو في قطب آخر، وأصبح هذا الحزب التاريخي مثل الجذام يتفادى الجميع اللقيا معه، لأنه الحزب الذي انتفضت حركة 20 فبراير في ظل تسييره للشأن العام ولأنه الحزب الذي يقود الحكومة، الذي أغرق المغرب في أزمة اجتماعية ومالية وخانقة، ولأن أمينه العام يجر وراءه سلسلة من التهم لن يغسلها ماء البحر، وبالتالي فإن الكل أصبح يتجنب حزب الاستقلال تفاديا لتبعات التدبير الحكومي الفاشل. ويبقى حزب العدالة والتنمية الذي وجد نفسه لا في العير ولا في النفير، الحزب الذي لم يفهم الإشارات القوية في البلاد والتي أعقبت التعديلات الدستورية والمراجعة الشاملة، ونسي أن التوافق تم بين الجميع وبرضا الجميع من أجل مواجهة التحديات، لكن وجوده في قلب العاصفة ولد لديه الوهم الكبير بأنه الحزب الذي يمتاز على الآخرين. وعندما حضر عبد الإله بنكيران لبرنامج حوار وقال إنه مستعد لتولي منصب رئيس الحكومة في معرض جوابه عن سؤال حول مدى استعداده للمشاركة في الحكومة المقبلة، هذا التصريح فهم منه قياديون في الحزب أنه إشارة قوية من جهات عليا على أن يتولى عضو من الحزب رئاسة الحكومة مهما كانت الظروف وربما ظن بنكيران أن الدولة ستعمد إلى تزوير الانتخابات لفائدته، ولم يفهم الحزب أنه دخل فقط في دورة شارك فيها الجميع من أجل تجاوز الإكراهات والتحديات ولم يتجاوز عقدة أنه حزب مهم وضروري في استقرار البلاد وهذا وهم لدى الحزب لأن المغرب يعيش به وبدونه، لأن الحزب يمثل فئات اجتماعية وليس ضروريا للدولة وهو من ضرورات العمل الديمقراطي لكن لا يمكن صناعة حزب لهذا الغرض وبالتالي فإن عدم وجود حزب من الأحزاب لن يؤثر في الحياة العامة. وإذا كانت التكتلات مهمة في الحياة السياسية فإن الحزب الذي وجد نفسه خارج أي تكثل لا يلومن الأحزاب الأخرى، ولكن يلوم نفسه لأنه لم يستطع الانفتاح على الآخرين ولم يفتح جسور التواصل. واللحظة الراهنة التي لم يرد أن يستوعبها الحزب تقتضي الشفافية، وتقتضي المنافسة الحرة والنزيهة والتنافس حول البرامج الانتخابية الواضحة وفق التزامات واضحة أمام الناخبين وسيكون البرنامج قاعدة المحاسبة الجماهيرية.