ما معنى أن تسمح جماعة العدل والإحسان بنشر مقال في موقعها، الذي يمنع التعليقات على مكتوباتها، ينتقد عبد السلام ياسين؟ فلأول مرة في تاريخها تسمح بمن يفتح فمه في حق مرشدها ومؤسسها ناهيك عن أن يكتب مقالا مطولا يكشف فيه عن تناقضات فكر ياسين. فبمناسبة الذكرى الثانية لرحيله، نشرت الجماعة في موقعها مقالا لأحمد بوعشرين الأنصاري ينتقد فكر مؤسس جماعة العدل والإحسان. المقال استعرض أفكار ياسين متسائلا عما يعنيه بأطروحة ميثاق على أساس الاسلام وما هو هذا الإسلام الذي يقترحه الأستاذ أساسا لهذا الميثاق؟ وهل هو إسلام التفاصيل والفروع والظنيات؟ أم هو إسلام المحكمات والقطعيات والمقاصد الكلية؟ وإذا كان هذا الميثاق يتوخى التجميع والتكتيل فهل باقتراح تأسيسه على الإسلام، سيخدم ذات المقصد، على اعتبار وجود اختلافات في المشارب والمرجعيات، بما في ذلك الاختلاف حول الإسلام من حيث تحديد مضامينه أو من حيث هو ذاته شعارا ومطلبا جامعا؟ وهل الحوار ينتهي بالميثاق أم يبدأ منه؟ أما نقطة الارتكاز في نقده فهي تساؤله عن حلقة الوصل في مضامين ما كتبه عبد السلام ياسين سابقا ولاحقا؟ وهل ينبغي أن نقرأ أفكار الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله أنها منسجمة ومتناغمة من أولها إلى آخرها ومن آخرها إلى أولها؟ أم أنها سلسلة تصويبات ذاتية وتنقيحات علينا أن نلتقطها هنا وهناك، وهذه مهمة القائمين على تنزيل أفكاره والمتبنين لها والداعين إليها؟ ووصف بوعشرين إلى أن ياسين غير ديمقراطي في قوله "سابقا دعا عبد السلام ياسين رحمه الله في رسالته المشهورة "الإسلام أو الطوفان" إلى منع الأحزاب والاعتماد على العلماء وانتخاب مجلس يراقب الحاكم ويكون شريكا له في عمله، مكون أساسا من خيرة شباب الجيش بعد استشارة رجال الدعوة في أمره، "تبايع مجلسا منتخبا انتخابا إسلاميا تستشير في أمره رجال الدعوة بعد أن تمنع كل الأحزاب السياسية، وتفسح المجال لرجال الدعوة يفهمون للأمة فتنتها وسبيل خلاصها. وعماد هذا المجلس خيار شباب الجيش، إذ هو القوة المنظمة الوحيدة بالمغرب. ويكون هذا المجلس شريكاً في عملك ورقيبا عليك إلى يوم ترشد وتبرهن على أنك أنجزت ما وعدت...". هل يستقيم هذا الأمر مع ما اقترحه لاحقا من حوار بين الفضلاء، ومن دعوة إلى ميثاق، ومن حواره مع الفرقاء حول أمهات القضايا المجتمعية، ومن إقرار بديمقراطية تكون أخف ضررا من الاستبداد ومن مجتمع مدني فاعل ومتخلق...؟ إن مجرد كلمة واحدة تخدش في عبد السلام ياسين غير مقبولة من قبل أنصار الجماعة وقادتها، واليوم قبلوا أن يتجرأ واحد من حزب إسلامي آخر ليقول إن أفكار ياسين حول الديمقراطية مضطربة. يرى مراقبون أن الجماعة تريد أن تتخلص من إرث الزعيم الذي يثقل بكاهله على كل مجرياتها ويعرقل تطورها واندماجها في المجتمع.