إذا أحسنا النية فإن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لا يفهم في المعادلات الاقتصادية ويمكن أن يكون من "الفهايمية الكبار في العشور". وحسن النوايا لا يصدق دائما في قضايا السياسة والمعاملات الاقتصادية والمالية. ولهذا نريد أن نفكك أسطورة بنكيران، التي يتلوها الوزير الأزمي، الذي يظهر أيضا أنه بينه وبين المال الخير والإحسان ونعني الحسابات المالية طبعا، والتي مفادها أن الحكومة ادخرت 50 مليار درهم من "بيع أخشاب" صندوق المقاصة، الذي أقسم بنكيران ألا يبقي له أثرا. قالت الحكومة إنها برفع الدعم عن المجموعة من المواد حققت توازنا ماليا كبيرا. هذا ما قلناه سابقا حول بنكيران، الذي يفهم المعادلات المالية عبر حساب الخشيبات. فهل حقق بنكيران شيئا من هذه الزيادات الصاروخية، أم أقر الزيادات لكن ضاعت الأموال في جهة أخرى. لدى بنكيران ومن يفتي عليه أفكاره حجة قوية حول ضرورة تفكيك صندوق المقاصة، الذي رفضت حكومة المعطي بوعبيد أثناء تنفيذ برنامج التقويم الهيكلي سنة 1984 المساس به رغم إلحاح المؤسسات المالية الدولية، وهي أن بعض المواد الاستهلاكية، يتم استعمالها في سياقات تجارية وصناعية، حيث تستعمل شركات المشروبات الغازية السكر كما أن كبار الفلاحين والفنادق يستعملون الغاز بنفس الثمن. وبدل أن يلجأ بنكيران غلى تفاهمات مع شركات المشروبات الغازية ومستعملي البوطان لأغراض تجارية وصناعية، قصد الاتفاق على ضريبة تسمى ضريبة السكر والغاز، قرر بنكيران ألا يزعج أحدا ويمارس العدالة الإسلامية بالزيادة على الجميع. ولسنا ممن يدعو إلى فرض مثل هاته الأسعار على الشركات والفنادق، ولكن ندعو إلى تفاهمات "لا ضرر ولا ضرار فيها"، لن المتضرر ليس هو صاحب الشركة، أو الفندق، الذي يلجأ إلى مخارج أخرى على حساب العامل وفي أحيان كثيرة يكون التقليص من عدد العاملين بما يعني مضاعفة الشغل لمن تبقى. وقد يلجأ آخرون إلى الإغلاق النهائي والتوجه نحو الاستيراد، ويكون بنكيران "جا كحل ليها عماها". سيفقد عمال كثيرون شغلهم، وسيساهم بنكيران في رفع عدد العاطلين عن الشغل، وسيحرم الخزينة من مداخل الضريبة على الدخل ومجموعة من الاقتطاعات الأخرى. ففي مقابل 50 مليار، التي ادخرها بنكيران هذه السنة، خسرت خزينة الدولة حوالي 44 مليار درهم من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، وهي ناتج هذه الإجراءات غير العلمية التي لجأ إليها بنكيران. فمن تسبب في هذه الخسارة غير حكومة بنكيران؟ لقد لجأت الحكومة إلى إجراءات ضريبية عطلت الإنتاج ودفعت المستثمرين والمقاولات لإغلاق أبوابها، ومع الإغلاق يتم طرد العمال، وبالتالي ضياع مبالغ من الضريبة على القيمة المضافة ومبالغ على من الضريبة على الدخل. أليست الحكومة هي التي لم تؤد الديون المستحقة عليها للمقاولات فدفعتهم للإفلاس وهي بالمئات؟ هذه هي المعادلة الحقيقة؟ عدم المساس بصندوق المقاصة وتوفير شروط الشغل والاستثمار. لكنها معادلة لا تدور بخلد بنكيران.