الحزب مع الجهة الرابحة لماذا تقع قيادات العدالة والتنمية في التناقض؟ وما خلفية الخروج الإعلامي المتضارب بين عناصره؟ لم ينتبه كثيرون إلى جواب لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة للحزب، عندما برر الانزياحات اللغوية لبنكيران بكونها تدخل في إطار الأخطاء التي يقع فيها كل السياسيين، والواقع أن الأمر ليس كذلك، إن الموضوع يتعلق بلعبة أتقنتها حركة التوحيد والإصلاح وقبلها حركة الإصلاح والتجديد وقبلهما الجماعة الإسلامية، التي زعم بنكيران أنه اخرجها من رحم الشبيبة الإسلامية، ومفاد هذه اللعبة اقتسام الأدوار والظهور بمواقف مختلفة ليكون الحزب في النهاية مع الجهة الرابحة، سواء كانت الدولة أو كانت مجموعات معارضة، والمهم عنده ليس الوطن ولكن المهم عنده هو تحقيق المكاسب السياسية التي تحقق له حضورا دوليا وسط التنظيمات القريبة من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، وسلفيات الصحوات. بين أيدينا الآن نموذج واضح لهذا اللعب الذي يشبه لعب الأطفال، عبد العالي حامي الدين ومصطفى الخلفي، وهما من دراري الحزب وفتواته الذين يلعب بهم لعبة القط والفأر، فقد رباهما تربية واحدة ونهلا من المنبع نفسه، ورغم ذلك يقول الأول ما لا يقوله الثاني. يحاول الأول الظهور بمظهر المناضل الثوري قبل أن يطهر ذاته من دم بنعيسى أيت الجيد، ويحاول الثاني الظهور بمظهر الإصلاحي المبدئي، وبالنتيجة فكلاهما يخدم مشروعا واحدا سمته البارزة الموقع قبل الموقف والكرسي يبرر كل الوسائل ، فالأول يقول بأن الملكية في المغرب تغامر بمصيرها ، والثاني يقول إنه لا خوف عليها ويهددها إن هي لم تسر إلى الأبعد في الإصلاحات، التي ليست لدى عناصر العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح سوى إمساك القبضة على رئاسة الحكومة من طرف بنكيران. وأذكى أذكياء حزب العدالة والتنمية هو بنكيران، فعندما يتعب من الضجيج الشبيه بالنباح الذي يوزع فيه التهم والتهديدات، يلجأ إلى لعبة كان يقوم بها الشباب في عهد من العهود، عندما لا يريدون الظهور بمظهر النزق يتعدى الأطفال على أقرانهم ضربا بالحجر. فبنيكران لا يقول كل شيء وإنما يترك لدراريه رمي الحجر حتى إذا تم كشف مصيرهم يقول إنهم الأطفال غير الناضجين. لكن في النهاية يبقى بنكيران قائد هذه اللعبة ، ومهندسها منذ أن جعل من لقاء قصير جمعه سنة 1979 بروما بعبد الكريم مطيع عضوية قيادية بالجماعة ليختلق انشقاقا عنها، فهو من يوحي بتعدد الأدوار ضمانا لوجود الحزب في كل المراحل. فرغم قراره الصارم بعدم المشاركة في مسيرات ووقفات حركة 20 فبراير قال لأولاده يمكن أن تشاركوا كأفراد، وانتقد الرميد ورفض استقالته من الأمانة العامة، لعن حركة 20 فبراير ووصفها بأقذع النعوث وعاد ليعتبرها حركة مباركة بل ليأكل من ثمراتها. وكي نفهم التناقض الذي وقع بين حامي الدين والخلفي لابد من فهم هذا السياق الذي يظهر فيه الدراري مختلفين واحد مرضي والآخر مسخوط، واللعبة واضحة هي أن الأطفال هم من يضربون بالحجر ليتدخل الوالد طالبا المسامحة.