قال الثائر الفرنسي الشهير جورج جاك دانتون وهو أمام مقصلة الإعدام "إن الثورة تأكل أبناءها " مستكملا المثل الفرنسي القائل "من السهل أن تبتدئ الثورات ولكن من الصعب أن تنهيها بسلام". وهو هنا كان يتحدث عن ثورات حقيقية وليس عن ثورات مزيفة تم فيها تسطيح المفاهيم والتلاعب بعقول الشباب واستعمال المجتمع المدني كواجهة لتحقيق مخططات جهنمية مرسومة في دهاليز المخابرات الدولية وعلى رأسها الأمريكية. ونقصد هنا ثورات الربيع العربي. ولقد كثرت أخيرا التسريبات حول الربيع العربي، وهي تسريبات شبيهة بتسريبات ويكيليكس، التي كان الهدف منها هو الإعداد للفوضى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضرب الدول التي تسميها أمريكا بالدول المارقة، حيث بدأنا نسمع عن تورط السفير القطري بليبيا في دعم الجماعات الإرهابية بالعراق وسوريا، وبدأنا نسمع عن تورط قياديين في حزب سياسي مغربي ودعاة وجامعيين في الموضوع ذاته. " الربيع العربي" الذي أحدت ثورة على الحكام العرب في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما بين 2010 و2012، تخطيط أمريكي محض، نفذته مؤسسات المجتمع المدني في البلدان المعنية عن طواعية ومن دون أدنى ذرة علم لها به، وتم التنفيذ بجهاز للتحكم عن بعد ظل في قبضة أيادٍ متخصصة، ضغطت على زناده انطلاقا من البيت الأبيض، ولم تتوقف إلا بعد تأكدها من تحقيق الهدف وبعدما أوجست خيفة من إغراق المنطقة في حمام دم يفوق تصورات التخطيط. هذا آخر ما كشفت عنه وثيقة سرية للغاية، تؤكد أن "الربيع العربي" كان من كيد الولاياتالمتحدةالأمريكية وتخطيطها وتمويلها وتنفيذها أيضا، لكن بأيادي أبناء البلدان المعنية التي تأثرت سريعا بموجة الغضب الشعبي الذي أدى إلى التغيير بعدما أتى، في معظمها، على رؤوس حكامها في شكل انقلابات بطرق تختلف عن طرق الانقلابات التقليدية التي كانت غالبا ما تنفذها المؤسسات العسكرية وبدرجة ثانية الأحزاب السياسية والنقابات العمالية. وفي المغرب ما إن أعلن قطار الربيع العربي توقفه بالمغرب، حتى انبرى الخونة والعملاء يقدمون خدماتهم للراعي الأمريكي والقطري، ويأتي في مقدمتهم جماعة العدل والإحسان، التي باركت الثورة الليبية بقيادة حلف الناتو وأمريكا، وشوهد قادتها يجلسون "عيني عينك" مع المخابرات الأمريكية، وقدمت نفسها بديلا ما دام الربيع جاء ملتحيا. ثم تأتي بعض قوى اليسار التي ارتمت في أحضان "الإمبريالية الأمريكية" قصد قيادة الثورة، وتورطت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وبعض نشطاء حركة 20 فبراير في الموضوع، وتآمروا على بلدهم، وذلك مقابل مبالغ مالية كما كشفت وثائق مسربة حديثا. اليوم انتهت اللعبة، وعادت عقارب الزمن إلى الوراء، وتذكر المناضلون برسم الأمركنة معتقلات غوانتانامو، حيث اعتقلت أمريكا عملاءها السابقين الذين ساهموا في إسقاط الاتحاد السوفياتي، وقد يتم إعادة نفس السيناريو ومحاسبة وفضح المتورطين مع أمريكا، والبداية كانت من الكبار وستمتد للصغار.