أعربت منظمة العفو الدولية (أمنستي أنترناسيونال)، اول امس الاثنين، عن أسفها لكون الضمانات القانونية في مواجهة أعمال التعذيب بالجزائر تظل "غير كافية بشكل رهيب"، مسجلة "حصيلة كارثية للبلد في مجال الإفلات من العقاب". وأشارت المنظمة غير الحكومية، في تقرير موجز نشر بلندن، إلى أنه "فضلا عن إجراءات القمع التي تستهدف المجتمع المدني، فإن السلطات الجزائرية لم تتقيد بتوصيات الأممالمتحدة التي تلزمها بسد الثغرات التي تشوب القانون الموجود حيز التنفيذ، والتي تمكن من القيام بأعمال تعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة". ونقلت الوثيقة عن المديرة العامة المكلفة بالبحث بأمنستي أنترناسيونال، نيكولا داكوورث، التي سجلت أن "الحصيلة الكارثية للبلد في مجال الإفلات من العقاب جراء الانتهاكات المرتكبة من طرف الدولة، التي تعد أثرا مأساويا للنزاع الداخلي الدامي الذي عرفته الجزائر، لم تعمل سوى على تفاقم الوضع". واعتبرت المنظمة أن عملية اختطاف الرهائن الدامية بمعمل عين أمناس في شهر يناير 2013، "أبرزت التهديدات التي تجثم على أمن البلاد، وكذا الحصيلة الهزيلة لقوات الأمن". وتبرز الوثيقة أن "قوات الأمن الجزائرية ارتكبت انتهاكات جسيمة، من بينها أعمال تعذيب، واختفاءات قسرية، وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء، والاعتقال السري باسم مكافحة الإرهاب". وعبرت أمنستي أنترناسيونال عن أسفها لكون هذه الحصيلة لم تؤخذ بعين الاعتبار في إطار عمليات التعاون مع الولاياتالمتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة في المجال الأمني. وقالت منظمة العفو الدولية، ، إن "القيود المتزايدة التي تفرض على حرية التعبير في هذه المرحلة من التحضير للانتخابات المقبلة تعيد إلى الأذهان أوجه الخلل الصادمة في سجل الجزائر لحقوق الإنسان بشكل عام". وأعربت المنظمة الدولية عن انشغالها ب"الموقع المتقدم الذي تحتله التدابير التي تتخذ لتكميم أفواه المنتقدين وقمع الاضطرابات الاجتماعية"، مسجلة أن "السلطات ما انفكت تستهدف الناشطين الجزائريين، بمن فيهم الصحفيون، الذي يحيدون عن الخطاب الرسمي الموالي لبوتفليقة"، الذي يسعى إلى الحلول في سدة الرئاسة للمرة الرابعة على نحو مثير للجدل". وقالت نيكولا داكويرث، المديرة المسؤولة عن برنامج الأبحاث في منظمة العفو الدولية، إن "استراتيجية السلطات الجزائرية تقوم على قمع أية محاولة للوقوف في وجهها أو ضد سجلها (الحقوقي) في مهدها. ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، تعمد إلى تصعيد وتيرة القمع وتظهر أنها ليست مستعدة للتسامح بشأن أي انتقاد علني على أي مستوى من المستويات". وحسب المصدر ذاته، "يبدو أن ثمة جهدا منسقا من جانب السلطات الجزائرية للسيطرة على كل ما يطرح في الفترة التي تسبق الانتخابات عن طريق تضييق الخناق على حرية التعبير" وعبرت المديرة المسؤولة عن برنامج الأبحاث في منظمة العفو الدولية عن أسفها ل"انعدام فضاء الحوار، وما يرافقه من قيود على الحق في الانتقاد أو الاحتجاج، للتعبير عن المظالم الاجتماعية أو المطالب السياسية، ما يلقي بظلال من الشك على جدوى الانتخابات المقبلة". وعلى صعيد آخر، أشارت المنظمة، في تقرير عممته اليوم في لندن، إلى أنه "رغم الثروات النفطية الهائلة التي تنعم بها البلاد، فإن الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، التي يؤجهها الفساد، وارتفاع تكاليف المعيشة، ومعدلات البطالة، وعدم توافر السكن، لا تتوقف". وقالت إنه "غالبا ما لجأت السلطات الجزائرية إلى تفريق هذه الاحتجاجات بالقوة، وإلى ملاحقة المتظاهرين والناشطين النقابيين ومضايقتهم والقبض عليهم". وتجتاح الجزائر موجة من المظاهرات المعارضة لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، البالغ من العمر 77 سنة، لولاية رئاسية رابعة، ويطالب المحتجون بإنجاز إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة في البلاد.