في خضم الأحداث المتسارعة التي تعيش على إيقاعها الجزائر ،خاصة الأحداث العنيفة التي عرفتها كل من مدينة غرداية ، التي عاد إليها تجدد أعمال العنف والمواجهات ، ثم مدينة بجاية ،التي رفضت مدير حملة الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة ، وطردته منها ، كتعبير قوي من أبنائها وسكانها لرفض ترشح بوتفليقة ، هناك حدث هام يتمثل في موقف ضباط كبار في الجيش الجزائري الذي أعلنوا من خلاله رفض "مهزلة العهدة الرابعة" لبوتفليقة ، والمطالبة بالتصدي لها من أجل إنقاذ البلد . لقد وجّه كل من الجنرال بن حديد ،و الجنرال الطاهر يعلى ،قائد القوات البحرية، رسائل في هذا الصدد لإثارة الانتباه لما يمكن أن تسفر عنه الولاية الرابعة لبوتفليقة من مشاكل وأحداث لا يمكن حصر أبعادها ولا تداعياتها على البلاد . المهم أن الضابطين الجزائريين الكبيرين سجّلا موقفهما بكل وضوح ، وقالا كلمتهما . الآن ، يأتي دور الجنرال عنتر. هذا الضابط الذي سبق أن كان هو المسؤول الأول لمصلحة جراحة القلب بالمستشفى العسكري عين النعجة ، ليوجّه رسالة إلى نائب وزير الدفاع (الرئيس بوتفليقة هو في نفس الآن وزير الدفاع)الفريق قايد صالح ،و الفريق محمد مدين ،داعيا إياهما إلى تحمل مسؤوليتهما التاريخية من أجل التصدي لمهزلة العهدة الرابعة و ما قد يترتب عنها من مخاطر. الجنرال البروفيسر عنتر أكد ، من موقع المتخصص العارف ، أن الرئيس بوتفليقة مريض، وأن الجلطة الدماغية عندما تصيب شخصا مسنّا، فإنها تترك آثارا جسدية و نفسية ؛ و أن الرئيس لم يستعد كامل قدراته وطاقاته ، بدليل أنه عاجز عن النطق وغير قادر على تحمّل ولا ممارسة مهام وأعباء الولاية الرابعة . بل إن الجنرال البروفيسور يفضح المسكوت عنه بالقول أن المكلفين بإدارة حملته الانتخابية (سلال و بن يونس و سعداني) يكذبون على الشعب و أن دماغه لا يشغل أحسن من أدمغتنا كما يريدون إيهامنا. وأضاف الجنرال البروفيسور عنتر ، أن عجز ومرض بوتفليقة تأكد للعيان أمام رئيس المجلس الدستوري ، وأن الصور أكدت بما لا يدع مجالا للشك بأن حالة الرئيس المرشح سيئة للغاية . وتساءل البروفيسور عنتر عن أخلاقيات و نزاهة الأطباء الذين وقعوا له الشهادة الطبية، و عن مدلسي (رئيس المجلس الدستوري) الذي قبل ملف مترشح يعرف هو أيضا أنه مريض و غير قادر على أداء مهامه الدستورية. و خلال مخاطبته للفريق قايد صالح،و محمد مدين ، باعتبارهما رفيقا الكفاح المسلح من أجل استقلال الجزائر، قال لهما إن المرء يكون في مساره مدعو أحيانا لاتخاذ مواقف صعبة لكن من شأنها أن تدخله التاريخ من بابه الواسع، وأشار في هذا الصدد إلى شجاعة الجنرال عمار في تونس الذي تحمّل كل المسؤولية و رفض الانصياع لزين العابدين بن علي ، ومكن بلاده من الانتقال نحو الديمقراطية قبل أن ينسحب وهو الآن يحظى باحترام كل التونسيين . الجنرال البروفيسور عنتر زاد قائلا : إن الوضع في الجزائر خطير جدا لأنها تجتاز مرحلة عصيبة ،و أن الشعب ينتظر من قادة الجيش موقفا حازما لتمكينه من التمتع بحريته ، محذرا في نفس الوقت أن تحركه قد يكون عنيفا ، وناشداهما بالحفاظ على الانسجام داخل صفوف الجيش كونه الملاذ الأخير ضد الانحرافات، و قال إنه لا ينبغي لجيش أن يدعم عصبة تحركها المصالح الذاتية،لأن مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار مشيرا إلى أنه في غياب معارضة منظمة و مجتمع مدني، فإن الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على التصدي لهذه العصبة. ولم يتردد الجنرال البروفيسور في أن يقول بأعلى صوت بأنه آن الأوان لوقف هذه المهزلة، متسائلا بحدة : ألا يوجد رجال في هذا الوطن الذي خاض معركة ثمينة ضد الاستعمار و أصبح مضربا للمثل في التضحيات؟ هل تقبلا بحملة انتخابية تجري بالوكالة لفائدة مرشح غائب يكتفي بالظهور لثوان في التلفزة ؟ هل تقبلا باستمرار نظام نهايته ستكون على الطريقة البورقيبية؟ باستغلال حاكم مريض هو اليوم رهينة عصبة همّها الوحيد مصالحها الخاصة ؟