العدالة والتنمية حزب واحد أم أحزاب في تنظيم واحد؟ إذا حزبا واحدا لماذا نرى الاختلافات بين قيادته والتي تصل حد التناقض؟ وإذا أحزابا متعددة وسط تنظيم واحد لماذا لا ينشق عند المنعطفات الحاسمة؟ العدالة والتنمية حزب واحد موحد بأوجه متعددة. وتعدد الأوجه داخل الحزب الإسلامي ليست من علامات التوجه الديمقراطي، غذ أن الحزب يعيش ديكتاتورية مقنعة بطلها هو عبد الإله بنكيران مؤسس الجماعة الإسلامية والذي لم تسر إلا أطروحاته وآراؤه واستأسد على "إخوانه" بعلاقاته المتعددة مع رجال السلطة وعلى رأسهم أحد الضباط. وبالتالي لم تكن القرارات ديمقراطية بقدر ما كانت تُتخذ تحت التهديد. إذن الخلافات وسط الحزب الإسلامي ليست من علامات الديمقراطية ولكن من علامات الطريق التي اختارها بنكيران ومؤسسو الجماعة الإسلامية، لكن مع الوقت أصبحت لها أدوار وظائفية خطيرة. فما معنى أن يخرج عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني للحزب ورئيس منتدى كرامة لحقوق الإنسان، مع حركة 20 فبراير في ذكراها الثالثة وينعتها بالحركة المجيدة؟ وما معنى أن يصفها بنكيران بالطبالة والغياطة "اللي كيسخنو الطرخ"؟ فهل هناك تناقض بين الطرفين؟ إن ما يجري داخل الحزب لا علاقة له بالتناقض لأنه لو كان كذلك لوصل حد الذروة وذهب كل لحال سبيله. ولكن التناقضات لا تزيد الحزب إلا قوة بما يعني أن الحزب هو من يصنع هذه التناقضات كي يظفر بذات الحسنين: الحكومة والمعارضة. الحكومة التي توفر الإمكانيات والوسائل لتحقيق المشروع الذي خطته الحركة لنفسها منذ بداية تأسيسها، والحكومة التي توفر الرأسمال المعنوي الذي يتم استغلاله في البناء التنظيمي. والمعارضة التي بواسطتها يتم جلب الأصوات الانتخابية. مرة قال بنكيران "راه الربيع العربي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع". قال ذلك في خضم صراعه مع خصومه السياسيين وكان يوجه رسائل إلى من يهمه الأمر. لكن على طول حديثه كان يقول إنه لم يخرج مع الحراك الشبابي لأنه لم يرد المغامرة بالملكية. والهدف من هذا الكلام هو القول بأنه ضامن للاستقرار. وهذه خرافة فقط لأن الحزب الإسلامي مسؤول معنويا عن الفوضى والإرهاب والتطرف. إذن بنكيران ليس له مع حكاية الربيع العربي وهو يستغله فقط لتهديد خصومه. لكن يخرج النموذج للشارع. والنموذج هو حامي الدين وأفتاتي وبوانو. سلوكات من هذا النوع غير موجودة في الدول الديمقراطية ولا في الأحزاب التي تحترم نفسها. سلوكات من هذا النوع تقتل العمل السياسي، وتقتل المعارضة قبل الحكومة. لأنها تجعل الحزب في حالة اضطراب كبير وفي حالة تحلل من المسؤولية ومن المحاسبة. هل سنحاسب حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة وينفذ برنامجا سياسيا أم سنحاسب حزب العدالة والتنمية الذي يخرج للشارع ويلعن الفساد والاستبداد؟