شاءت الصدف أن تتزامن الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب مع آخر يوم في سنة 2013، ليطل منها بنكيران على ناخبيه وليس على الشعب كما يعتقد البعض لأن الشعب لم يصوت على بنكيران وإنما صوت عليه جزء من الناخبين لا يتجاوز مليون و80 ألف ناخب، منهم جزء كبير من الناخبين هم زبناء جمعيات تابعة لحركة التوحيد والإصلاح، والذين تتولى منحهم قفة رمضان وقفة العيد وكبش الأضحى ومحفظة الدخول المدرسي، وجزء منهم اغتروا بالخطاب الإسلامي وجزء آخر صوتوا عقابا للأحزاب التي شاركت سابقا في الحكومة. وها هو اليوم يخاطب المغاربة لكنه في الواقع يحاكم محاكمة عسيرة تهم أهم ملف يؤرق المغاربة قاطبة، ألا وهو ملف التشغيل والوضعية الاجتماعية والتقاعد، وهي ملفات تحتاج إلى جرأة كبيرة في طريق حل إشكالاتها وليس الجرأة في ضربها بالضربة القاضية كما يحدث مع حكومة بنكيران. لقد كنا ننتظر المفاجأة السارة مع حكومة بنكيران منذ تعيينها سنة 2011، وقد وعد في أول تصريح بعد فوزه بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها بالمفاجأة السارة للمغاربة فور تشكيل الحكومة، وانتظر المغاربة مفاوضات ماراطونية من أجل الإعلان عن لائحة الوزراء، وفعلا تم ذلك بعد وقت طويل لا يحتمله المغرب الذي أراد الدخول إلى سرعة الإصلاحات، غير أن المفاجأة لم تكن سارة كما وعد بل كانت سيئة للغاية. ولقد فاجأنا بنكيران كثيرا بعد تعيينه رئيسا للحكومة بوقت قليل، حيث قرر الزيادة في أسعار المحروقات بدرهمين في اللتر الواحد، وترتب عن ذلك زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية المرتبطة بالنقل، وجاء بنكيران للتلفزة ليشرح قرار الزيادة قائلا إنه من مصلحة الفقراء، ووعد الهجالات بمخصصات شهرية لكن شيئا من ذلك لم يحدث. وبدل المخصصات المذكورة كانت المفاجأة الثانية القاضية بالزيادة في أسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية، وتحرش بصندوق المقاصة الذي أصبح مهددا من طرف الحكومة، والذي لم تستطع الحكومات السابقة المرور من أمام أبوابه حتى أيام تطبيق برنامج التقويم الهيكلي وشروط البنك الدولي بهذا الصدد. ومن مفاجآت بنكيران تضمين قانون المالية الحالي مجموعة من الضرائب التي ستقتل الاستثمار، وسبق ذلك القرار الانفرادي الذي اتخذه والقاضي بتخفيض ميزانية الاستثمار بالنصف مما أثر على المقاولات، التي اضطر بعضها لإغلاق أبوابه وتسريح العمال، وأضاف إليها منجزا آخر يتعلق بتنقيل جزء كبير من ميزانية الاستثمار من قانون 2013 إلى قانون المالية 2014. وجاء اليوم ليستخف بالبرلمانيين، فبدل أن يجيب عن أسئلة حقيقية مطروحة عليه أطلق العنان لقهقهات مرفوضة حتى من طرف جلساء المقاهي فناهيك عن رئيس حكومة مسؤول، يتهرب من الجواب بمسرحيات هزلية. هذا هو رئيس حكومتنا وهذا هي طبيعته التي لن تتغير وهذا مبلغه من علم تسيير الحكومة.