عليك بالدستور يا بنكيران ستكون جلسة، اليوم الثلاثاء، بمجلس النواب مناسبة لحسم الصراع بين الحكومة ومجلس النواب أي حسم الصراع بين الأغلبية والمعارضة أو اتساع رقعته التي لا يعلم أي أحد المدى الذي يمكن أن تصل إليه. فعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مازال يتعامل بصفته أمينا عاما لحزب سياسي فاز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي أعقبت موجة الحراك الشعبي في العالم العربي، ومازال مصرا على أن النزول إلى الشارع أحد خياراته، ومن هذا الموقع وهذه الزاوية ينظر باستعلاء إلى باقي مكونات المشهد السياسي، رافضا الالتفات إلى جنبه ليرى ما حصل لنظرائه الذين استعلوا واستكبروا على الشعوب وعلى مكونات المجتمع ولم يسمعوا لصوت العقل. فرئيس الحكومة مصر على أن الحكومة في نسختها الثانية هي استمرار للحكومة في نسختها الأولى. والمعارضة معها حق في اعتبارها حكومة جديدة. هناك اعتبارات أدبية وسياسية وأخلاقية تجعل منها حكومة جديدة وفق رؤية المعارضة. فأدبيا جاءت صياغة بيان الديوان الملكي تشير إلى تعيين الحكومة الجديدة التي أدت القسم مجتمعة وليس تعيين وزراء جدد مكان الوزراء الذين غادروا الحكومة. وسياسيا فإن تركيبة الحكومة وإعادة هيكلتها واقتسام وزارات وإدماج أخرى ينم عن أن الحكومة خضعت لعملية ترسيم جديدة. وأخلاقيا هو التزام صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، ولآخر لحظة من المفاوضات حسب بيان المكتب التنفيذي للحزب الصادر يوم 24 من الشهر الماضي بشروط المجلس الوطني وعلى رأسها الصياغة الجديدة للبرنامج الحكومي. فمزوار مطالب اليوم أخلاقيا بالحسم في الموضوع. هل فرض الصياغة الجديدة للبرنامج الحكومي أم أنه قبل بأن يلعب التجمع دور "عجلة الاحتياط" وبالتالي بأن الحكومة التي يشارك فيها ستنفذ برنامج حكومة بنكيران الأولى الذي ظل ينتقده حتى اللحظات الأخيرة من دخوله إلى حكومة بنكيران الثانية. فإذا أصر مزوار على أن المفاوضات شملت البرنامج الحكومي وأنه لا علاقة له بالبرنامج السابق، فإن بنكيران سيكون مطالب بتقديم تصريح حكومي أو بيان حكومي لتجديد الثقة في الحكومة وإلا فإنه سيكون أمام مأزق دستوري خطير. أما عما قاله مزوار بأنه تراجع عن ذلك فسنكون أمام إشكال آخر هو ضرب الدستور فيما يتعلق بدور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين باعتبار أن المجلس الوطني هو أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر. لن نملي على بنكيران الذي سيفعله. فهو الذي ظل منذ سنتين يتحدث عن تنزيل الدستور وعن التأويل الديمقراطي لبنوده وعن صلاحيات رئيس الحكومة وعن أشياء أخرى. واليوم إذا أراد أن يكون منسجما مع توجهاته وتصريحاته فعليه اللجوء إلى الدستور ولا شيء غير الدستور. وإذا أراد بنكيران أن ينجح في مسعاه الدستوري الجديد عليه أن يلتفت إلى أن المشرع وضع المعارضة في المرتبة الأولى ومنحها الفصول الأولى قبل أي مؤسسة من المؤسسات وفرض منحها كل التسهيلات لتلعب دورها التشريعي والرقابي. وفي كل ذلك هناك مسألة لا ينبغي أن ينساها بنكيران هو أن المغرب لم يعد لديه وقت آخر يضيعه وبالتالي عليه أن يجد حلا لمشكلته الدستورية في أقرب وقت ممكن.