كلما فاحت رائحة مفاوضات أو لقاءات حول الصحراء، كما وقع مؤخرا في باريس، إلا وتتحرك جماعة الانفصاليين لاستغلاله واللعب عليه وفق ما ترسمه لها الأجهزة المخابراتية التابعة للنظام الجزائري بطريقة تخدم أجندة الراعين للانفصال والمدعمين له بجميع الوسائل. في هذا الإطار تأتي مبادرة دعوة مجموعة مما يسمون بانفصاليي الداخل لزيارة تيندوف، كنوع من تكريم هؤلاء الأشخاص نظير ما قاموا به من شغب في بعض مناطق الأقاليم الجنوبية للمملكة. الغريب في الأمر أن المجموعة، التي تضم أكثر من خمسين فردا من المغاربة الصحراويين الذين يعيشون ويتنفسون هواء المغرب، ويعرفون نعمه وينكرونها، سرعان ما تم وصفهم ب"نشطاء في الحركة الحقوقية بالصحراء". وبناء على هذا، فإن كل من حمل علم الانفصاليين، أو ألقى بحجارة على قوات الأمن المغربية، أو جرَح فردا منها، يتم إلحاقه بجماعة "النشطاء الحقوقيين"، طبعا بعد تسليم المبلغ المالي المقابل للنشاط المطلوب. إنها قمة النخاسة والسخرة التي تتم ممارستها على إخوتنا في الأقاليم الجنوبية، إلى جانب ما تحمله هذه الأوصاف من سخرية واستهزاء بالصحراويين، خاصة منهم من وقعوا ضحية الإغراء والتغرير، ومنهم الجماعة التي ذهبت إلى تيندوف. الأغرب أن هذا الوفد المتنكر لمغربيته يتم استقباله من طرف مغربي عاق يدعى عبد العزيز المراكشي، نصبه عسكر النظام الجزائري رئيسا وهميا لجمهورية وهمية، وأمروه بأن يرتدي الزي العسكري للدلالة على أنه في حالة حرب، تماما كما نصب ذهاقنة الاستعمار الفرنسي بالأمس بن عرفة سلطانا على المغرب. ولم يكد الرجل يصدق أنه أصبح سلطانا حتى خرج المقاوم علال بن عبد الله ليدهسه بسيارته وسط حماته وحراسه الفرنسيين ويسقطه أرضا.. المراكشي وجماعته من "وزراء الجبهة" الجاثمين على صدور الصحراويين، أصروا على استقبال "النشطاء" القادمين من الأقاليم الجنوبية، كما أصرت السلطات الجزائرية على أن تكون ولاية بومرداس الوجهة الأولى للوفد، وهي مناسبة لحضور ما يسمى "الجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية" التي تم خلالها تقديم دروس للحاضرين في التعبئة والنضال من أجل الانفصال، ومنها دروس حول تلقين الشباب كيفية إثارة النعرات وأعمال الشغب والاستفزاز في الأقاليم الجنوبية بغية إحراج المغرب. والملاحظ أن هذه التعبئة تتم مع اقتراب موعد اجتماع أممي أو دولي حول حقوق الإنسان، أو جولة مفاوضات بين المغرب والأطراف المعنية بالنزاع المفتعل في الصحراء. وسنرى في المستقبل القريب آثار هذه الزيارة والتطبيق الفعلي للدروس التي تلقاها الوفد الانفصالي للجزائر. بعد هذا، هل يحق للسلطات الجزائرية أن تردد الأسطوانة المشروخة التي تقول أإنها ليست طرفا في النزاع وغير معنية به؟ من يقدم للانفصاليين الزاد والعون؟