شكل من أشكال الخيانة أفصح حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال عن قضية في منتهى الخطورة، حيث قال وفي بيان رسمي يصلح ليكون قاعدة ادعاء ضد بنكيران، إن هذا الأخير رفض رفضا مطلقا عقد اجتماع بصفته رئيسا للأغلبية الحكومية يتناول مشروع القرار الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحيات المينورسو، وهو قرار لو تم تمريره لشكل خطورة على المغرب، وإذا ما تأكد ما قاله شباط فإن ذلك يعتبر شكلا من أشكال الخيانة ضد الوطن. طبعا كما يقول علماء الرجال فإن شهادة الأقران لا تجوز كما لا تجوز شهادة الأعداء. وما دام شباط هو في حكم العدو لبنكيران فلن نقبل شهادته. وسنعتبر كلامه غير مقبول بحكم أنه خرج للتو من الحكومة. لكن في القضية شيء مهم. هو التنبيه إلى أن بنكيران ينبغي أن يساءل حول موقفه من قضية الصحراء. فمهما يكن موقع شباط فإن ما قاله حول عدم استجابة بنكيران لعقد اجتماع للأغلبية حول قضية الصحراء له ما يبرره على أرض الواقع. وله مستندات في الممارسة. وما صدر عن حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح حينها وسكوت بنكيران المطبق دليل كبير على صحة ما قاله شباط. لقد سكت بنكيران حيث كان ينبغي أن يتكلم. لكن لا يظنن أحد أن رئيس الحكومة ليس ذكيا. فهو من الدهاء ما يجعله قادرا على اقتناص الأفكار والفرص ولولا دهاؤه ما صار رئيسا للحكومة بعد أن داس على رفاقه في الحركة الإسلامية. فالسكوت عند بنكيران له ثمنه كما للكلام ثمنه. ولما يتكلم بنكيران يعرف ماذا يقول ولا يطلق الكلام على عواهنه حتى لو بدا كذلك. ولما يسكت فليس لأنه لا يعرف ما يقول. سكت بنكيران لأن الإسلاميين في المغرب عموما فهموا أن مشروع القرار الأمريكي هو بداية لربيع مغربي مختلف، وأن فرصتهم للتمكين الأمريكي قد حانت، وكان الإسلاميون من قبل وأصبحوا من بعد يتحدثون عن التمكين الإلهي، حيث عرضت جماعة العدل والإحسان خدماتها على الأمريكان وأصدرت بيانا يحذو حذو مشروع القرار وسكت بنكيران وصمت صمت أهل القبور ولا معنى لسكوته سوى أنه غير معني بالرفض المغربي الذي شمل كل القطاعات، وبالتالي فإنه مستعد للمستقبل بغض النظر عن مصلحة الوطن. وقلنا أكثر من مرة إن الإسلاميين لا يعنيهم الوطن وليس لديهم مفهوم للوطن، وأنهم يقدمون مصلحة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين على مصلحة الوطن وإذا تعارضتا يخربون الوطن. فرغم أن شباط عدو لبنكيران ولا تقبل شهادته فيه وكلامه ليس حجة ولكنه قرينة لاتهام بنكيران بممارسة شكل من أشكال الخيانة له ما يؤكده على أرض الواقع.