لم تصل درجة التشاؤم لدى الأسر المغربية في ارتباطها بارتفاع تكاليف المعيشة اليومية إلى ما وصلت إليه اليوم في عهد حكومة بنكيران، وذلك على الرغم مما عاشه المغرب في ثمانينيات القرن الماضي من تشاؤم للأسر حين تميز الوضع الاقتصادي المغربي بسنوات الجفاف التي أملت سياسة التقشف بانتهاج برنامج التقويم الهيكلي المعروف اختصارا ب"الباص". وقالت مصادر موثوقة إن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية نتيجة القرار الذي اتخذته حكومة بنكيران فور توليها مسؤولية التدبير والتسيير والقاضي برفع أسعار المحروقات والذي ترتب عليه اختلال كبير على أسعار النقل وباقي المواد الاستهلاكية الأخرى زاد من درجة تشاؤم المغاربة تجاه تكاليف المعيشة. وبنت ذات المصادر تأكيدها لهذا الارتفاع على أن تسع عائلات من أصل عشر تذهب إلى أن أسعار المواد الاستهلاكية صارت في الارتفاع منذ الربع الأول من 2012 بعدما اتخذت حكومة بنكيران آنذاك قرار رفع أسعار المحروقات لتصل مداها الأقصى متم الربع الأول من 2013. وارتفعت درجة تشاؤم الأسر المغربية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة التي سارت في منحاها التصاعدي السلبي مع مجيء حكومة بنكيران إلى السلطة وبالضبط بداية من منتصف يونيو 2012. وشددت المصادر ذاتها على أن استفحال تكاليف المعيشة لدى الأسر أكده ارتفاع مديونية غالبية هذه الأسر التي التزمت بالقروض متفاوتة الأنواع نظير صعوبة الولوج إلى سوق العمل بالنسبة لغالبية الأفراد النشيطين لدى هذه الأسر، خصوصا أن التزامات ضرورية لهذه الأسر تفرض تراكمات من الإكراهات الإضافية التي ترفع من وتيرة الاستهلاك في السنوات الأخيرة ونهاية عند السنة الجارية التي يتميز فصلها الثالث والرابع بتزامن حلول موسم الصيف والعطلة وحلول رمضان الفضيل ثم عيد الفطر يليها مباشرة الدخول المدرسي والتزاماته فعيد الأضحى المبارك مباشرة، وهي كلها التزامات لا بد من تدبير مالي خاص بها، لا مَحيد عنه مما دفع الأسر إلى الاقتراض لمواجهتها. وعلاقة بتشاؤم الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة، ووفق المصادر المذكورة تأتي المواد الغذائية على رأس نفقات واستهلاكات الأسر بمعدل 40 في المائة من إجمالي النفقات، حيث تبين الأرقام والنسب أن تسع عائلات من أصل عشر أكدت ارتفاع الأسعار في الربع الأول من السنة الجارية وأن ثلاث عائلات من أصل أربع متخوفة من استمرار هذا الارتفاع، بل مؤكدة أن الارتفاع سيسير تدريجيا في منحاه التصاعدي على مدار سنة من الآن وإلى حدود نهاية يونيو 2014. وتستمد الأسر تكهناتها السلبية بارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الغذائية بالخصوص من الظرفيتين الاقتصادية المحلية والدولية، علما أن هذه الأسعار تعرف أقصى مستويات الارتفاع في السوق الدولية المصدرة، وهو ما يفسره تأثير التضخم المستورد لهذه المواد، ومنها الحبوب التي بلغت 20.5 نسبة ارتفاعها في المائة إلى حدود نهاية 2012، والزيوت التي ارتفعت بنسبة 27.7 في المائة والشاي الذي ارتفعت أسعاره بنسبة 22 في المائة والبن بنسبة 17 في المائة والحليب الذي ارتفع بنسبة 7 في المائة ولحوم الدواجن التي ارتفعت بنسبة 16.4 في المائة فيما ارتفعت أسعار الأسماك بنسبة 20.1 في المائة. على الرغم من كون المغرب بلدا منتجا ومصدرا لهذه الثروة الغذائية والفواكه والخضر التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة في الوقت الذي يعتبر المغرب بلدا فلاحيا بامتياز. وحسب نفس المصادر، واستنادا إلى أرقام المندوبية السامية للتخطيط، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة يغطي بشكل أو بآخر التضخم في علاقته مع نمو الاقتصاد علما أن هذا التضخم يبقى حسب الإحصائيات محددا في نسبة 2 في المائة سنويا، وهو مستوى – حسب نفس المصادر- يفسره تدخل المقاصة لاستمراره في هذا المعدل، وهو ما يفسر كذلك أن إصلاح المقاصة بأي شكل من الأشكال سيؤثر في هذا التضخم الذي اتضح انه تضخم متحكم فيه بالدعم ليظل على هكذا معدل، على الرغم من أن المواد المدعمة نفسها تستمر من أهم الأسباب المؤثرة في إرهاق ميزانيات الأسر بارتفاع نفقاتها واستهلاكاتها الذي هو من ارتفاع الأسعار. وإذا كانت أسعار المواد الغذائية هي التي تقض مضاجع الأسر المغربية بنسبة 40 في المائة من إجمالي الاستهلاك و النفقات، فإن آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط تؤكد أن نفقات السكن واستهلاكات الماء والكهرباء والهاتف تستنزف 20.3 في المائة من إجمالي نفقات المغاربة في استهلاكاتهم المعيشية، فيما تستنزف وسائل النقل والتدريس والهاتف 16 في المائة من إجمالي نفقات الاستهلاك. وتبقى مصاريف الدراسة أهم النفقات الأسرية التي سجلت ارتفاعا مهولا على الرغم من مجانية التعليم في التعليم العمومي.