حكومة ائتلاف وطني لماذا اضطر حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال الشريك الأول للعدالة والتنمية في حكومة بنكيران، للمطالبة بحكومة ائتلاف وطني؟ هل فقد كل أمل في إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها الحكومة؟ عندما رفع شباط سقف الحلول المطروحة للأزمة يتجه الفهم نحو اعتبار أن حزب الاستقلال وقف أمام الباب المسدود في علاقته بحزب العدالة والتنمية. وأن جهود إيجاد مخرج للتوتر الذي يعيشه التحالف الحكومي باءت بالفشل الذريع نظرا لتعنت بنكيران ومن معه. فالاستقلاليون أعلنوا منذ المذكرة الأولى والثانية ووصولا إلى قرار المجلس الوطني، كأعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر، عن الانسحاب من الحكومة، يرفضون أن يكونوا مريدين في زاوية مرشدها الأعلى عبد الإله بنكيران، لأن المغرب دولة ديمقراطية حداثية ولها مؤسسات وقواعد وتاريخ يصعب الدوْس عليه من أجل تحقيق أحلام الخلافة الإسلامية التي تشربها أولاد الحزب الإسلامي منذ اليوم الأول الذي وضعوا فيه أرجلهم داخل الحركة الإسلامية. فجميع المخارج التي كانت مطروحة اصطدمت بصخرة بنكيران. فالتعديل الحكومي كأدنى الحلول رفضه بنكيران وهو أقصر طريق للجواب عن أسئلة شباط وعلى اعتراضاته، كما أن البحث عن حلول أخرى لم يجد طريقه السليم لأن بنكيران رفض الحوار منذ البداية، ولم يتم الحديث عن مذكرتي شباط بل اهتم الحزب الحاكم بترويج كلام متهور عن صحة مكالمة الملك وشباط من عدم صحتها. ومما يساند مطلب حكومة ائتلاف وطني هو كون المعارضة رافضة الدخول في حكومة بنكيران وأن تكون مكملة للأغلبيات فقط أو مريدة في زاوية الحزب الإسلامي. فهل يضمن الملك لبنكيران حكومة أقلية؟ هذا الأمر مستبعد في ظل الدستور الجديد وكان مقبولا في المرحلة السابقة. لكن في مقابل ذلك، لا يمكن لبنكيران أن يحكم وحده رفقة الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. وبالتالي يبقى التدخل الملكي من الممكنات الدستورية لإنقاذ الوضع السياسي من خلال مبادرة حكومة ائتلاف وطني تؤسس لمستقبل حكومي مختلف. فالحكومة الحالية جاءت من خلال انتخابات سابقة لأوانها. وجاءت في ظرفية استثنائية اتسمت بما يسمى الربيع العربي الذي تحول إلى خريف يأكل الأخضر واليابس. وكانت الناس تأمل الشيء الكثير من حكم الإسلاميين، لكن تبين أنهم غير أهل بذلك وأنهم أوصلوا البلدان التي حكموها إلى الدمار. ونماذج مصر وتونس وليبيا واليمن ماثلة أمامنا وفي سوريا هناك اتساع لنفوذ جبهة النصرة التي تلقى الدعم والمساندة من الحكومات الإسلامية، فيما فقدت تركيا بريقها كنموذج إسلامي متحضر وبدأت في التراجع وتم توريطها من قبل الإخوان المسلمين. أمام هذا الوضع ومع انسداد الآفاق ومع ظهور بوار حكومات الإسلاميين أصبح المطلب هو التفكير الهادئ في مخارج الأزمة. لأن التصويت في الانتخابات السابقة كان عقابيا وأفرز نماذج برلمانية مثل أفتاتي وبوانو وحيكر ووزراء من قبيل الشوباني والخلفي وبوليف ونكت بنيكران الحامضة وخطاباته الشعبوية وهذه الأخيرة ضد الديمقراطية. لكل هذه الأسباب يصبح مطلب حكومة ائتلاف وطني مطلبا ملحاحا للخروج من الأزمة.