الحركة بدون حركة يعيش المشهد السياسي المغربي حركية من المد والجزر، بدأت بقلب شباط الطاولة على بنكيران، وزادت ببلع بنكيران للسانه، ولا ندري إلى أي مدى ستصل هذه الأزمة. في خضم كل هذا الحراك، التزم الحركة الشعبية الصمت تجاه ما يجرى، رغم أن هذا الحزب بقيادة امحند العنصر، الذي يحتل منصبا هاما في الحكومة، ويشكل قطبا أساسيا في الأغلبية الحاكمة له وزنه السياسي وموقعه ورأيه فيما يجرى. هذا الحزب التاريخي لزم الصمت وظل بدون حركة تجاه ما يجرى من تطورات، وكأنه غير معني بما يحصل، أو أنه ليس طرفا في الصراع الدائر بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية. فما هو موقف الحركة الشعبية من انسحاب وزراء الاستقلال من حكومة بنكيران؟ وهل الحركة هو فقط رقم كوَّن به بنكيران أغلبيته، أم أنه حزب له برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي, وحزب له موقعه في الحكومة وله رؤيته في تدبير الشأن العام. الحركة الشعبية المعروف بتميزه عن باقي الأحزاب، بكونه المدافع الأساسي عن العمق المغربي في القرى والجبال، والمدافع عن المكونات الثقافية واللغوية للأمازيغية، مدعو إلى لعب دور أكبر، على اعتبار أن هذا الحزب خبِر تدبير الشأن العام من خلال مشاركاته المتعددة في الحكومات السابقة. فهل الحركة الشعبية راض عن استفراد بنكيران بالقرار، وخاصة القرارات التي مست القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، وضربت في العمق الاستثمار العمومي والمقاولات الصغرى والمتوسطة، إنه السؤال الذي يجد صدقيته في طريقة تعامل الحزب مع الملفات الكبرى التي طرحت على طاولة الأغلبية. إن الحركة الشعبية الذي مازال يلتزم الصمت لحد كتابة هذه السطور، والتي تنتظر في الغالب ما تحمله الأيام المقبلة من تطورات، قد تعتبر ما يحدث شأنا داخليا لحزب الاستقلال، وأن الصراع هو بين أمين عام جديد ورئيس الحكومة، على اعتبار أن شباط لم يشارك في مفاوضات تشكيل الحكومة، وبالتالي فإنه يبحث عن نصيبه من كعكة الحكومة، وقد يقول قائل من هذا الحزب، إن الحركة الشعبية تدبر قطاعاتها الحكومية بكل حرية ودون تدخل مباشر من بنكيران، وقد... وقد... وقد... إلا أن واقع الحال والأحداث التي عرفها المغرب، وخاصة القضايا الكبرى والحاسمة بدأ من تدبير الخارجية، مرورا بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، ووصولا إلى التدخلات الأمنية لفك الاعتصامات والتظاهرات غير المرخصة دون إغفال الاتهامات التي وجهت للعنصر نفسه في ملفات تتعلق بالانتخابات الجزئية، أو في قضايا أخرى، دون الرجوع إلى القرارات "الجريئة" التي اتخذها بنكيران والتي لم يستشر فيها لا العنصر كزعيم حزب، ولا كوزير ولا حتى وزراءه الآخرين المنتمين للحكومة. إن الحركة الشعبية كمكون أساسي في الأغلبية ينتظر منها مناضلوه وناخبوه والشعب المغربي رأيا فيما يجرى داخل الساحة اليوم من صراع، وهو ليس صراع حول من يدبر الحكومة ولكنه صراع حول كيفية تدبير العمل الحكومي. إن المشكل الجوهري اليوم هو الحسم في ديكتاتورية بنكيران واستفراده بالقرار، وتسرعه في إصدار الأحكام، دون الرجوع إلى المؤسسات، أو الجهات المعنية التي يمكنها أن تدلي بدلوها، وإذا كان شباط أعلنها مدوية في وجه بنكيران، ومن معه، فإن الشعب المغربي ينتظر من باقي مكونات الأغلبية، أن يكون لها موقف حازم، وليس الصمت والاختباء وراء مسميات سياسية. فمتى سنتمكن من وقف هذا النزيف الذي يكاد يضرب كل مناحي الحياة؟