قال المحلل السياسي الفرنسي شارل سان برو إن النظام الجزائري يكرر دون كلل أن جبهة البوليساريو مستقلة وأن النظام الجزائري لن يكون طرفا في الصراع حول الصحراء المغربية. ولن ينطلي هذا الأمر على أي شخص في العالم حيث يعرف الجميع أن البوليساريو هي صنيعة للنظام الجزائري على عهد بومدين والمعسكر الشيوعي. وتعتبر من آخر بقايا الحرب الباردة. وأضاف في مقال خص به موقع "ثياتروم بيلي، المتخصص في قضايا الدفاع والأمن الفرنسي، أنه في الآونة الأخيرة، أي يوم 25 من الشهر الماضي، دعا قرار مجلس الأمن رقم 2099 الدول المجاورة للانخراط بجدية لوضع حد للنفق الحالي لهذا الصراع، الشيء الذي يجعل الجزائر موضع اتهام بدورها المحوري في الصراع. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد في وقت سابق أن الوضع الجيوستراتيجي الإقليمي يتطلب إيجاد حل عاجل للصراع الذي دام طويلا. ويبدو أن الجميع فهم الرسالة باستثناء حكام الجزائر. في الواقع، وفي الوقت الذي تسير فيه مناورات خلافة بوتفليقة بشكل جيد وتزداد فيه الفجوة بين الشعب الجزائري والنظام، فإن الحكومة الجزائرية متمسكة برؤاها التقليدية تجاه جارها المغرب والتي دامت حوالي أربعين سنة. وأشار سان برو إلى أن المواقع المغربية نشرت وثيقة مؤرخة يوم 16 أبريل الماضي الصادرة عن "اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي"، وبلا شك فإنها ليست المرة الوحيدة التي تحشر فيها الجزائر أنفها في الموضوع لتصدر الأوامر للدعم المالي لمسؤولي البوليساريو قصد إحداث الفوضى بالأقاليم الجنوبية للمغرب. وأكد على أن الأمر يتعلق بإرسال عناصر إلى مدن العيون والداخلة وبوجدور من أجل توزيع المال على القاصرين والشباب المجند قصد مضاعفة الاستفزازات على أمل خلق ردة فعل من قوات حفظ النظام. وجدير بالإشارة إلى أنه خلف الحرب الكلامية وحرب البيانات لابد من التساؤل ما إن كان السماح لمنظمة من هذا القبيل بالوجود في شوارع العاصمة الجزائر وهي ذات طابع تخريبي، لأنها تنظم دائما مؤتمرات تدعو إلى زعزعة استقرار المغرب، (ما إن كان) منسجما مع التصريحات الجزائرية التي تفيد أنها ليست طرفا في الصراع. وبموزارة ذلك يلاحظ أنه يتم استعمال الأساليب العتيقة للتضليل التي كانت مستعملة في الكتلة الشيوعية مع استخدام وكالات الاتصال والمنظمات التي تستخدم القوة الناعمة. وأيضا يتم تحريك بعض المنظمات التي تتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان قصد نشر بعض الأخبار الكاذبة. ولا يتردد البعض في إرضاء القادة الجزائريين الأغنياء، الذين يرتكبون أخطاء فادحة محكومين بهذا الاندفاع الأعمى. وهكذا رأينا مؤسسة روبيرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان تنشر على موقعها الإلكتروني فيديو حول الثورة التونسية سنة 2010 بسيدي بوزيد مقدمة إياها على أنها دليل على العنف الذي يمارسه المغرب ضد الساكنة الصحراوية بالعيون. وختم سان برو مقاله قائلا إنه في الوقت الذي عبر المنتظم الدولي عن مخاوفه المشروعة من مخاطر عدم الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء الشاسعة، والذي فهم أخيرا أن قضية الصحراء المغربية هي أحد العناصر الحاسمة، يلاحظ بشكل خاص ومقلق أن الجزائر لا تكتفي فقط بتمويل وتسليح البوليساريو ولكن تطبخ برنامجا يهدف إلى زعزعة استقرار المغرب. إنها لعبة خطرة لا تجعل فقط وحدة المغرب العربي في خطر ولكن المنطقة المغاربية والساحل. يعني تجعل السلم والأمن في الضفة الجنوبية للمتوسط في خطر. .