القتل سلاح الجبناء والفاشلين. ولقد أكد الإسلاميون في الحكم والحكومات أنهم غير مستعدين للحوار. فأصبحت لغتهم هي السجن من أجل الرأي وتحول نموذجهم الأردوغاني إلى السجان الأول للصحفيين في العالم. وأصبحت هي السحل والترهيب والقتل تحت مسميات الأمن العام كما يحدث في ظل حكم محمد مرسي. وأصبحت لغتهم الاغتيال السياسي كما حدث في تونس حيث تم صباح أمس اغتيال المعارض شكري بلعيد، أحد أشرس معارضي حكم النهضة ذي الأوجه المتعددة. وسبق لبلعيد أن حذر من الاغتيال السياسي الذي سيقع تحت رعاية راشد الغنوشي، الذي رفض رفضا باتا حل رابطة حماية الثورة التي ليست سوى مليشيات مقنعة تابعة للحزب الإخواني. ومن لم يفعل لعجزه الراهن فهو يمارس الاغتيال اللفظي من خلال إنتاج الخطاب المتطرف. القتل سلاح الجبناء والفاشلين. فبعد أن تمكنت النهضة من الهيمنة على المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة في ظل الترويكة التي تمنح الرئيس صلاحيات شكلية، وبعد أن هيمنت على كل الوزارات المهمة، وبعد فشلها الذريع في تحقيق أهداف ثورة 14 يناير، لم يبق أمام النهضة سوى زرع الرعب في صفوف المعارضين، فاغتيال شكري بلعيد، المعارض الشرس للنهضة غير أنه رجل معقول ومهذب، هو القطرة الأولى في مسار طويل من الشر ينتظر تونس ليحولها من الخضراء إلى القاحلة والسوداء. أيام التونسيين مع النهضة ستكون سوداء، والمصريون يعيشون على وقع انتفاضة شاملة في وجه الهيمنة والتجويع ومحاولات بيع البلد مقابل حفنة من الدولارات، وتأميم المنشآت الصناعية والسياحية لفائدة إمبراطور الإخوان خيرت الشاطر. النهضة فعلت كمن يقتل الشخص ويذهب في جنازته. لقد دعا الغنوشي إلى حداد وطني. وهو يعرف أنه يقف وراء اغتيال شكري بلعيد الذي تطاول على سيادته. فالغنوشي لا يقبل أن يتطاول عليه أحد وهو المحمي دوليا. فاغتيال شكري بلعيد رسالة قوية للآخرين كي يدخلوا إلى بيوتهم والتزام خاصة أنفسهم وترك النهضة تعيث فسادا في البلاد. ليس دم شكري بلعيد وحده الذي أسقطته آلة القتل الإخوانية ولكن الذين اغتالتهم أيادي الظلام كثيرون. وما زال دم عمر بنجلون، القائد الاتحادي، موزعا بين قبائل الإسلاميين المغاربة. لقد عشش فكر إلغاء الآخر في عقول ووجدان أبناء الحركات الإسلامية. وحتى من ادعى منهم أنه يقبل الديمقراطية فهو الذي لم يجد عنها محيدا وكان مضطرا لها. والإسلاميون المعتدلون والديمقراطيون يستغلون الديمقراطية للهيمنة على مفاصل الدولة. لكنهم يكفرون بالديمقراطية ويساندون الحركات الإرهابية. فظهر تحالف الإخوان مع الأحزاب التي ولدت من رحم الحركات المسلحة والتكفيرية. والغنوشي يطلق يد السلفيين ليفتكوا بتونس. وبنكيران يشكك في أحداث 16 ماي ويطالب بإطلاق سراح المتورطين ليعلمونا العقيدة الوهابية. لقد فشل الإسلاميون في التدبير وسيحولون الساحات إلى أماكن للدم.