لا ندري هل ما يقوله بنكيران، رئيس الحكومة، ووزراء العدالة والتنمية عن الملك كذب وافتراء أم حقيقة؟ هل فعلا يتحدث إليهم الملك أم يستغلون عدم صدور ردود خاصة للتمادي في عبارة "كال لي الملك"؟ وهل هناك رغبة لتصوير أن الملك يتعامل خارج نطاق الدستور؟ وما علاقة عبارة "كال لي الملك" بتحديد الصلاحيات في دستور فاتح يوليوز؟ وهل هناك توجه نحو التنصل من المسؤوليات التي يتحملها بنكيران ومن معه؟ أم أن بنكيران يبحث عن مظلة يختبئ تحتها ليلصق بها فشله الذريع في تدبير الشأن العام؟ عبارة "كال لي الملك" تخيل لمن ينصت إليها أن الملك لا يتحدث إلا مع رئيس الحكومة، صاحب عبارة "الربيع العربي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع"، ومع وزراء العدالة والتنمية حيث لم نسمع من وزير آخر أن الملك حدثه أو أمره. فصفة الملك تفرض الوقار حسب منطوق الدستور، باعتباره رئيس الدولة وأمير المؤمنين، وملك كل المغاربة وليس ملك فئة من الفئات أو توجه من التوجهات، وهذه الصفة تمنحه رتبة فوق المؤسسات وحكما عليها "الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. ويرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة. وتحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير. ويمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل، بواسطة ظهائر. والملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. والملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة". في حين أن رئيس الحكومة هو معين من الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وبالتالي هو مسؤول أمام الناخبين وأمام البرلمان ولابد من أن يقدم حسابات النجاح والفشل التي يتحمل مسؤوليتها لوحده وفق الصلاحيات الممنوحة له. أليست لازمة "كال لي الملك" تحيل على لازمة حزب الملك أو حزب صديق الملك، وهي اللازمة التي رددها قياديو العدالة والتنمية في مرحلة سابقة ونعتوا بها حزب الأصالة والمعاصرة، وبعد التحولات التي عرفها المغرب ولم تعد هذه اللازمة تسمن وتغني من الجوع الانتخابي بدأوا في ترديد لازمة "كال لي الملك" التي كادت تتحول إلى حزب "كال لي الملك". وما الفرق بين الاثنين؟ الاختباء وراء الملك صفة الفاشلين والمتآمرين في الوقت ذاته، لأن للملك صلاحيات دستورية يمارسها وعلى رئيس الحكومة ممارسة صلاحياته وتحمل مسؤولياته هو وحزبه وحكومته.