لم تعلن جماعة العدل والإحسان بعد موقفها من التدخل العسكري في شمال مالي لكن حركت هيئتها الفقهية لتعتبر المساعدة على ذلك حرام. فلقد ذهبت الجماعة بعيدا، ولم تناقش منافع ومضار التدخل الجيوسياسية بل حسمت الموضوع واعتبرته حرام وفاعله آثم، لكن فقيه الجماعة بنسالم باهشام لم يوضح المرتكزات التي بنا عليها فتواه، لأن للفتوى مباني غير موجودة هنا، هل لأن فرنسا كافرة أم لأن شمال مالي دولة الإسلام ولا يوجد فيها إرهاب؟ أين المصالح والمفاسد؟ ولماذا ساندت العدل والإحسان تدخل حلف الناتو في ليبيا وساندت "الثوار" هناك وهنأتهم متمنية المصير نفسه ل"الثورة" في سوريا؟ أليس المتدخل واحدا؟ غير أن المتمعن في فتوى باهشام، الذي لا تنظر عيونه أكثر مما يقع في مدينة خنيفرة، يفهم الغرض من الفتوى أو الموقف. يقول بنسالم باهشام "إن دور إمارة المؤمنين هو صيانة البلد برا وبحرا وجوا، فأمير المؤمنين حسب الدستور هو "حامي حمى الملة والدين"، وبالتالي هو المسؤول الأول عن حماية حدود البلاد في برها وبحرها وجَوها، وكان الأجدر بأن لا تتم مساعدة فرنسا على ما تقوم به في حق الشعب المالي". فالهدف هو جر الناس لنقاش آخر بعيدا عن الجيوبوليتيك، وعن المصالح الاستراتيجية التي تحدد طبيعة الموقف ولماذا يتم اتخاذه بالشكل والموضوع، فالجماعة تريد أن ترمي الكرة في ملعب آخر. متى كانت الجماعة تعترف بإمارة المؤمنين لحمة المغاربة وسداهم؟ عندما يريدون مواجهة الدولة يقولون إن إمارة المؤمنين مسألة فقهية وعندما يريدون توريط الدولة يقولون لماذا لم تتدخل مؤسسة إمارة المؤمنين. وأردف المتحدث بأنه بالنسبة لحالة سوريا لا أحد تحرك أو قام بالتدخل، لكن بما أن الأمر يتعلق بفرنسا فإن الجميع مُجنَّد لخدمتها وخدمة مصالحها في المنطقة، باعتبار أن إفريقيا كلها تتبع إما لفرنسا أو لبريطانيا بحكم الاستعمار الذي كان يجثم على أنفاس الأفارقة عقودا من الزمن. وكانت رغبة العدل والإحسان في دعوة المنتظم الدولي للتدخل في سوريا لأسباب طائفية معششة في ذهن عبد السلام ياسين وورثته، والمنتظم الدولي هو أمريكا والغرب. لقد انفضحت لعبة الجماعة التي لم تخف غزلها الفاحش مع السفارة الأمريكية بالرباط ولقاءات أولادها مع عناصر مخابراتية، حيث كانت عينها على قومة على طريقة الناتو. غير أن موقف الجماعة غير واضح وأرسلته عن طريق من يلعن فرنسا في نفسه.