دشن حزب الاستقلال حربا إعلامية مفتوحة على جميع الاحتمالات، وذلك بعد خرجتين وصفتا بالقويتين على مستوى صفحات جريدة العلم لسان حزب الميزان. وقال قياديون في الحزب، إن هناك توجها لإعادة خلق التوازن داخل جميع مكونات الحزب لكي تتماشى جميعها مع التصور العام للقيادة الجديدة التي يتزعمها حميد شباط، مؤكدين أن طريقة تدبير الإعلام الحزبي يجب أن تكون أكثر احترافية وموضوعية، وتعمل بكثير من المهنية. وكانت افتتاحية العلم ليومي الإثنين والأربعاء شنتا هجوما لاذعا ضد العدالة والتنمية، حيث تضمنت افتتاحية أمس الأربعاء انتقادا مباشرا لطريقة تدبير حكومة عبد الإله بنكيران لملف صندوق المقاصة، وهو الأمر الذي أغضب قيادة الاستقلال التي اعتبرت أن الحكومة يسيرها العدالة والتنمية في تغييب كلي لباقي مكوناتها. في السياق ذاته قال فؤاد القادري المستشار عن حزب الاستقلال، إن قيادة الحزب حريصة على نجاح التجربة الحكومية، شريطة أن يتم تحقيق أمرين أساسيين وهما الإقلاع الاقتصادي والسلم الاجتماعي، وهما عاملان أساسيان لتحقيق الاستقرار السياسي. وأوضح القادري في تصريح للنهار المغربية أن الحكومة الحالية مطالبة بتوظيف الحراك السلمي الذي عرفه المغرب وجني ثماره، داعيا إلى الاشتغال في إطار المصداقية ومن دون غموض. وقال القادري إن حزب الاستقلال لا ينوي الخروج من الحكومة الحالية، وسيواصل تحمل مسؤولياته مشيرا إلى أن الاستقلال هو ركن أساسي في التحالف الحكومي، ولا يمكن أن يكون سببا في هشاشة الأغلبية، موضحا أن الاستقلال يدعو إلى التفاعل الإيجابي بين مكونات الأغلبية، وتحقيق مبدإ المقاربة التشاركية ليس فقط على مستوى التحالف الحكومي، ولكن أيضا مع المعارضة التي دعاها القادري إلى أن تكون فاعلة ومنتجة، ومنخرطة في الملفات الكبرى، قبل أن يؤكد على أن داخل هذا التحالف هناك أربعة أحزاب، وكل واحد يعبر عن قناعات خاصة، ولكل مكون زاويته للنظر في الأمور السياسية، مبررا هذا الأمر باختلاف المرجعية وكذلك ما راكمه كل حزب على مستوى تدبير الشأن العام. وشدد القادري على أن حزب الاستقلال بات مقتنعا بضرورة تقوية الأداة الحكومية، موضحا أن هناك أكثر من مؤشر على وجود اختلالات لابد من إصلاحها، وقال إن سنة من عمل الحكومة أثبتت أن أداء بعض الوزراء ضعيف، وأن هناك غيابا كاملا للتنسيق، سواء بين مكونات الأغلبية، أو على مستوى وزراء الحزب الذين اتخذوا قرارات من دون الرجوع إلى القيادة الحزبية، إضافة إلى غياب ترتيب للأولويات، وعدم وجود اهتمام كاف بالملفات الأساسية، والأهم من ذلك يقول القادري إن هناك أمورا يجب إعادة النظر فيها حتى يتم تحسين تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية بغية تحقيق السلم الاجتماعي. في سياق متصل، قال قيادي في حزب الاستقلال إن هناك اقتناعا تاما بأن العدالة والتنمية يريد الهيمنة على تدبير الشأن العام، وأن هناك محاولات حثيثة لإقصاء الأحزاب الأخرى، ليقتصر دورها على ما هو تقني. وزاد المصدر نفسه في القول، إن هناك شعورا داخل حزب علال الفاسي بأن هناك مؤامرة تدبر في الخفاء لتحجيم دوره كلية، وهو الأمر الذي قد يدفع شباط إلى المطالبة بدور أكبر في تحالف الأغلبية، مشيرا إلى أن بعض الأطراف داخل الحزب بدأت تطرح مسألة التبرؤ من الحكومة الحالية عبر ترويج عبارة، "إذا نجحت الحكومة فقد نجح العدالة والتنمية، وإذا فشلت فقد فشل العدالة والتنمية". وزاد المصدر نفسه في القول، إن هناك توجها عاما داخل الحزب بعدم ترك أي فراغ سياسي يمكن أن يستغله الحزب الأغلبي، وذهب إلى حد القول إن هناك دعوات للتعبئة الشاملة، من أجل مواجهة أي محاولة للهيمنة على التحالف، واصفا الصراع الدائر اليوم بين الاستقلال والعدالة والتنمية بالحرب الباردة. وتوقع المصدر نفسه أن يستمر الحزب في توجيه سهام النقد للتجربة الحكومية في محاولة لإضعاف إشعاعها وحمل بنكيران على الرضوخ لمطالب شباط في إجراء تعديل حكومي قد يستغله القيادي الاستقلالي سياسيا، في أفق إجراء الانتخابات الجماعية المقبلة.