توفي صباح أمس الخميس عبد السلام ياسين، مؤسس ومرشد جماعة العدل والإحسان، بعد أن تم نقله إلى إحدى المصحات الخاصة بمدينة الرباط بعد وعكة صحية ألمت به أخيرا، وينتظر دفنه اليوم الجمعة بمقبرة الشهداء بعد صلاة الجنازة بمسجد السنة بالرباط عقب صلاة الجمعة، وكانت الجماعة قد نعت مرشدها العام، وجاء النعي متأخرا بعد أن تداولت الصحافة الإلكترونية النبأ. ويتحدر عبد السلام من ياسين من قبيلة حاحة ويبلغ من العمر لحظة وفاته حوالي 87 سنة، وقد انخرط في سلك التعليم مباشرة بعد استقلال المغرب، وهو خريج معهد ابن يوسف بمراكش ودرس على يد المختار السوسي، وبعد أن لمت به نوبة روحية انضم إلى الزاوية البودشيشية سنة 1965 كان خلالها من مريدي الشيخ العباس، وبعد وفاة هذا الأخير سنة 1972 وتولي الشيخ حمزة قيادة الزاوية انسحب ياسين، وألف كتابي الإسلام بين الدعوة والدولة والإسلام إذا، ثم رسالة الإسلام أو الطوفان. وحاول نهاية السبعينات من القرن الماضي تجميع الحركات الإسلامية التي خرجت من تنظيم الشبيبة الإسلامية الذي انفرط عقده بعد تورط أعضاء منه في مقتل الزعيم الاتحادي عمر بنجلون، لكنه لم يتمكن من ذلك بعد أن اعترض كثيرون على زعامته للتنظيم المزمع تشكيله، واتجه إلى الإعلام من خلال إصدار مجلة الجماعة التي كان يحررها رفقة أحمد الملاخ، وبعد أن عقد مجموعة من المجالس سماها مجالس المنهاج النبوي في منزله بسلا واجتماع مجموعة من الأشخاص حوله أسس تنظيما أسماه أسرة الجماعة نسبة إلى مجلة الجماعة، ووضع أوراق ترخيصها تحت اسم جمعية الجماعة وبعد منعها أسس جمعية سماها جمعية الجماعة الخيرية، وفي سنة 1987 بعث رسالة إلى أتباعه من أجل رفع شعار العدل والإحسان الذي أصبح هو اسم الجماعة. وفي تسعينيات القرن الماضي دخل في خلاف مع واحد من مؤسسي الجماعة، محمد البشيري، الذي ساهم بشكل كبير في تكوين الجماعة واضطر إلى طرده من صفوفها واصفا هذه العملية بأنه يضطر إلى بتر أحد أصابعه. وألف عبد السلام ياسين العديد من الكتب يأتي في مركزها "المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا" الذي نشره بداية في أربعة أعداد من مجلة الجماعة قبل أن يتم جمعه في كتاب، ويحدد طبيعة التنظيم والتربية ومراحل الزحف كما يسميه. وفي السنوات الأخيرة بدأت تظهر الخلافات وسط الجماعة والانتقادات للقيادة. وبوفاة عبد السلام ياسين تكون الجماعة قد طوت صفحة المرشد المؤسس وبدأت مرحلة المرشد المنتخب، وستثير وفاته معركة البحث عن خليفة لمؤسس الجماعة، والذي طبعها بكاريزماته الشخصية، حيث تعيش الجماعة على كتاباته وأفكاره، وتنعدم أمام الشيخ أية إمكانية لطرح أفكار جديدة. وحاولت الجماعة تسويق صورة عبد السلام ياسين بالخارج، حيث عقدت مؤتمرا بتركيا تحت عنوان "مركزية القرآن الكريم في فكر المنهاج النبوي"، واعتبر بعض أعضاء الجماعة ممن يناوئون مجلس الإرشاد أن هذا المؤتمر محاولة لتهريب فكر عبد السلام ياسين ومنحه طابع النظرية وفصله عن الجماعة قصد فصل ياسين نفسه عن الجماعة استعدادا لطي مرحلته. وبينما أعد فتح الله أرسلان، عضو مجلس الإرشاد والناطق الرسمي باسم الجماعة، العدة لتأمين خلافة عبد السلام ياسين يصر أشبال العدل والإحسان على أن هذا الأخير هو بمثابة الابن العاق لمؤسس الجماعة، ويرى فيه مراقبون من خارج الجماعة سلفيا وسط الجماعة الصوفية والذي يمكن أن ينحرف بالجماعة حالة وفاة عبد السلام ياسين نحو التيار السلفي، إذ أن أرسلان قدم إلى ياسين من إحدى الجماعات السلفية. وكانت حركة أشبال العدل والإحسان قد وصفت مجلس الإرشاد والشورى بمؤسستي الانحراف عن طريق الدعوة الذي رسمته الجماعة لنفسها.