يعقد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ابتداء من اليوم وحتى الأحد المقبل مؤتمره التاسع، في مرحلة تتسم بمعطيين أساسيين، الأول هو صعود التيار المحافظ لتدبير الشأن العام ممثلا في حزب العدالة والتنمية، وخروج الاتحاد إلى المعارضة بعد 12 سنة من التسيير سواء داخل حكومة التناوب أو في حكومات متعاقبة كان مشاركا فيها، وسيكون على الاتحاديين اختيار كاتبهم الأول، من بين أربعة مرشحين وهم فتح الله ولعلو ولحبيب المالكي وادريس لشكر وأحمد الزيدي فيها فضل محمد الطالبي الانسحاب من السباق، وذلك عقب "مناظرة تلفزيزنية" جمعت المرشحين الخمسة. وقال عبد الحميد الجماهري عضو المكتب السياسي، إن على الاتحاديين أن يثبتوا أنهم في مستوى اختيار قيادة بإمكانها تدبير المرحلة المقبلة، وكذلك تقديم الأجوبة على الوضع السياسي، وأضاف الجماهيري أن الاتحاديين ينتظرون أن يكون المؤتمر بداية عودة الاتحاد كرقم أساسي في المعادلة السياسية عبر تقديم أجوبة واضحة حول تطور المجتمع، ومسؤوليته السياسية اليوم، والمد المحافظ والتطبيق الديمقراطي للدستور، مشددا على أهمية عودة النضال السياسي الذي ظل علامة فارقة في تاريخ الاتحاد. وقال الجماهري إن "المناظرة التلفزيونية" كشفت عن مستوى سياسي رفيع باعتبارها أول تجربة من نوعها في تاريخ الإسلام وتاريخ المؤتمرات، وأضاف أن المغاربة تابعوا تمرينا سياسيا فريدا، ومتعدد المقاربات والقراءات، مشددا على أن الرأي العام برمته وجميع التيارات تابعت هذا النقاش الاتحادي مشددا على أن هناك توجها لتأسيس تقاليد جديدة داخل الاتحاد. في المقابل، حذر "تيار اولاد الشعب" مما وصفه الإقصاء المتعمد للتيار وللحداثيين، وقال عبد المجيد مومر إن هناك نوعا من الردة الديمقراطية والتفافا حول مطالب الشباب الحداثي، موضحا أن مناظرة القناة الثانية عرت على المستوى المتدني للمرشحين للكتابة الأولى، وكذلك توافقهم على طي صفحة الماضي مع ما طبعها من فساد سياسي، وقال مومر إن المرشحين لم تكن لديهم الجرأة السياسية الكافية لملامسة واقع الاتحاد أولا، ثم واقع المجتمع المغربي، موضحا أن النقاش كان باهتا وغابت عنه كل مقومات الحوار السياسي، وتحول إلى مجرد "تقشاب" سياسي بين المرشحين الذين توافقوا على تدبير المناظرة وفق قاعدة "أخف الضررين"، كما غاب السجال السياسي الذي يمكن أن يقدم أجوبة حقيقية حول راهن الاتحاد. وكان تيار اولاد الشعب أصدر أمس الخميس بيانا ندد فيه مما أسماه الإقصاء المتعمد للتيار، حيث عملت القناة الثانية على تمرير شريطين قصيرين تم خلالهما تغييب الشباب الاتحادي، وقال البيان الذي أطلق عليه "القناة الثانية والاتحاد الاشتراكي والوحدة حول الإقصاء"، إن المناظرة كانت عبارة عن "استوديو دوزيم سياسي"، توزعت فيه الأدوار وفق خطة إعلامية بدبلجة ممسوخة لتوافق سياسي مشبوه، مؤكدا على وجود توجه إقصائي لتيار اولاد الشعب. في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة إن أزمة الاتحاد اليوم هي أزمة تنظيمية، في غياب شروط الانتقال الديمقراطي، موضحة أن أكبر عائق سيواجهه الاتحاد هو احترام مسطرة المؤتمر، داعية إلى اعتماد الشفافية، وتغليب المصلحة العامة، وأضافت المصادر أن مناظرة القناة الثانية كانت بمثابة تأبين لعبد الرحيم بوعبيد، مشيرة إلى أن إثارة أسماء بعض الشخصيات كان فيه كثير من الإثارة، واعتبرت المصادر أن انتخاب اللجنة الإدارية من المؤتمر سيكون فيه ضرر كبير للكاتب الأولي الذي لن تكون له أي سلطة مستقبلا، موضحا أن المنطق يفرض أن يختار الكاتب الأول المنتخب ثلث أعضاء اللجنة، حتى يضمن نوعا من التنسيق القبلي، وتفادي أي خروج عن النسق العام، محذرة من مغبة خلط الأوراق، خلال المؤتمر، ونسف أشغاله، وتوقعت المصادر نفسها، أن تنبثق عن المؤتمر مجموعة من ردود الأفعال الغاضبة، وذهبت إلى حد التنبيه إلى إمكانية ظهور ملوك الطوائف داخل الاتحاد يقودها المرشحون الخاسرون. إلى ذلك، حصرت المصادر ذاتها الصراع حول الكتابة الأولى في إسمين بارزين وهما ادريس لشكر المدعوم تنظيميا، والذي حقق جملة من المكاسب السياسية من خلال نزوله إلى أرض الميدان، وأحمد الزيدي الذي يعتبر قيادة شابة ويتحرك معه أغلب برلمانيي الحزب، إضافة إلى الدعم المعنوي الذي حصل عليه من طرف عبد الواحد الراضي ومحمد اليازغي، وإن رفض الإثنان التخندق في خندق أحد المرشحين، في المقابل قالت المصادر إن حظوظ الحبيب المالكي تراجعت بقوة، رغم انتقاله إلى مدينة أكادير لإطلاق حملته من هناك، وقالت المصادر إن المالكي لا يملك قلاعا اتحادية باستثناء منطقة نفوذه بجهة تادلة، فيما فتح ولعلو بات عمليا خارج السباق وهو الأمر الذي ظهر جليا خلال لقائه الصحافي الذي حضره وحيدا، حيث برر الأمر بكون مرشح لكل الاتحاديين.