أقدمت إذاعة تمزيغت مؤخرا على إدراج حصة النقل المباشر لجلسات البرلمان ضمن شبكة برامجها للموسم الحالي تنفيذا للمادة 140 من دفتر التحملات المقبل (2012/2014). وقد بدأ العمل بهذا الإجراء يوم الاثنين 12/11/2012 واستغرقت مدة النقل ثلاث ساعات و هو ما تكرر في اليوم الموالي كذلك ما بين الساعة الثالثة بعد الزوال و الساعة السادسة عشرة وعشرة دقائق مساءً وسيتكرر الأمر خلال الأسابيع المقبلة. والملاحظ أن هذا النقل المباشر يتمّ خلال الحصة الرسمية المخصصة لتمزيغت الأطلس المتوسط التي تبث برامجها من الساعة الثانية بعد الزوال إلى الساعة السابعة مساءً (باستثناء الجلسة المخصصة للمصادقة على مشروع الميزانية حيث امتدت إلى حصة تشلحيت). وهذا ما يحرم مستمعيها من برامجهم الاعتيادية ويمس بحقهم في الإعلام والخبر. إن هذا الإجراء يجعل حصة تمزيغت تتقلص إلى أكثر من النصف مقارنة مع اللهجتين الأخريين. لقد كانت إدارة الإذاعة الأمازيغية منذ الاستقلال حريصة على أن تكون حصص التعبيرات الأمازيغية الثلاث متساوية عبر كل محطات تطور بثها. ففي سنة 1959، حين استقلت كل لهجة بحصتها، كانت مدة كل واحدة منها ثلاث ساعات لتصل سنة 1974 إلى أربع ساعات إلى غاية 15 نونبر 2005 حيث تَقَرّر تمديد فترة البث إلى خمس ساعات مع إدراج ساعة واحدة مشتركة بينها مع بداية الإرسال. لكن مبدأ المساواة هذا، ضُرب به عرض الحائط في الشبكة الجديدة وأصبحت حصة تمزيغت هي المتضررة الأولى ومستمعوها هم الخاسر الأكبر. إن هذا التوجه القائم على اللاتكافؤ الزمني من شأنه أن يقوي نفوذ لهجة على حساب أخرى ويوسع قاعدة مستمعي إحداها مقارنة مع باقي اللهجات. و للأسف فتمزيغت هي الحلقة الأضعف ضمن هذه السلسلة. إني لأستغرب بشدة، و معي شريحة كبيرة من المستمعين الأمازيغ، عن القيمة المضافة لنقل جلسات البرلمان بالعربية في الإذاعة الأمازيغية وعن مدى فعالية هذا الإجراء في استقطاب مزيد من المستمعين. فإذا كان المواطن المغربي يعزف عن تتبع هذه الجلسات على شاشات التلفزة حيث الصوت والصورة، فما الدافع والغاية من نقلها كما هي بالعربية عبر منبر إعلامي يستهدف شريحة المتحدثين بالأمازيغية ومنهم من لا يعرف غيرها. كان حريا بالقائمين على الإذاعة الأمازيغية أن يتريثوا ويمعنوا النظر في المادة 140 من دفتر التحملات المقبل قبل تنفيذه بهذا الشكل المتسرع والمرتجل، وأن يكونوا بالمقابل حريصين على تكييفه مع خصوصيات الإذاعة الأمازيغية التي تبث برامجها بثلاث تعبيرات. ألم يكن ممكنا إدراج ساعة من هذه الجلسات مباشرة في تمزيغت و الساعتين الأخريين مسجلتين في تشلحيت وتريفيت؟ أ ليس ممكنا إنجاز ملخصات عن هذه الجلسات بالتعبيرات الثلاث، تذاع خلال حصة كل واحدة منها؟ و بهذا ستعمل الإذاعة على تحقيق تواصل فعال ومُجدٍ مع المستمعين من جهة، وضمان الحفاظ على الحصص الزمنية من جهة أخرى. لماذا اختار المسؤولون العمل بدفتر التحملات في هذه الجزئية فقط مع العلم أنه ينص كذلك على أن تكون فترة البث على مدار أربع وعشرين ساعة. أم إنهم اختاروا الخيار السهل الذي لا يتطلب أي مجهود ولا يحتاج إلى برامج جديدة. ففترة نقل الجلسات البرلمانية ما هي إلا فترة راحة و سكون. ولماذا هذا التهافت الطائش على نقل هذه الجلسات من جانب الإذاعة الأمازيغية في حين أن إذاعات أخرى ضمن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لم تعر الأمر أدنى اهتمام وحافظت على شبكة برامجها وفاءً لمستمعيها. إن إجراءً مثل هذا وإجراءات أخرى مماثلة أمور تبعث على الريبة و الشك بأن جهة ما تسعى لتهميش تمزيغت بشكل مقصود ومتعمد داخل منظومة الإذاعة الأمازيغية مقابل تقوية إحدى اللهجات الأخرى تمهيدا لاعتمادها كلغة موحدة مستقبلا. ففي صيف 2005، كان البث المشترك لبرنامجي "صيف بلادي" و"ضيوف الطبيعة" يومي السبت والأحد، يتم داخل الحيز الزمني لتمزيغت، كما أن النقل المباشر للأنشطة الرياضية بشكل مشترك، خلال يوم الأحد يأخذ منها ثلاث ساعات أخرى. وها هي التغطية البرلمانية تجهز على ما تبقى. فبعملية حسابية بسيطة، يتضح أن مستمعي إذاعة تمزيغت يُحرمون، أسبوعيا من ثلاثة أيام من الاستماع، على الأقل بينما يستفيد مستمعو باقي اللهجات من حصصهم كاملة غير منقوصة. ولم يقتصر هذا التهميش و سوء التقدير لتمزيغت على الإذاعة بل تعداها إلى القناة التلفزية الأمازيغية و تكفي الإشارة إلى التغييب غير المبرر لمنشط بهذه اللهجة في برنامجي "زغاريد" و"طريق النجوم". والمتصفح لموقع الإذاعة الأمازيغية على الإنترنت، في ركن الاختيارات الغنائية، يلاحظ إدراج أغنية واحدة بتمزيغت من بين عشر أغنيات بتشلحيت و تريفيت. إن المستمعين في الأطلس المتوسط مستاؤون من هذا المس الخطير الذي طال حقهم في البث الإذاعي المخصص لهم والاستفادة من برامجهم، و يوجهون النداء إلى القائمين على السياسة الإعلامية ببلادنا كي يرفعوا أساليب التهميش والحيف والحكرة الممارسة ضد تمزيغت داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.