القرارات اللاشعبية يمكن لأي حكومة في العالم أن تعترف بأخطائها. ويمكن أن تعتذر للشعب عن ذلك. لكن كيف يمكن لحكومة أن تفتخر بقرارات لاشعبية أقدمت عليها. ولا يمكن أن يقوم بذلك إلا حكومة لا تستحيي. وهذا ما فعلته حكومة عبد الإله بنكيران وبصفاقة منتهية النظير ولم يعهدها رجل سياسة. فيوم جاء إدريس البصري إلى التلفيزيون لتبرير قرار الزيادة في أسعار المواد الغذائية كاد يبكي وهو يقول "الجنوي وصلات للعظم". صادقا كان أو غير صادق لم يتحد المغاربة كما تفعل حكومة الإسلاميين. من باب التحدي المرفوع في وجه المغاربة افتخر عزيز رباح، الوزير والقيادي في العدالة والتنمية، أن حكومته الملتحية اتخذت قرارات لاشعبية، من قبيل الزيادة في أسعار المحروقات والاقتطاع من أجور الموظفين المضربين وفرض ضرائب على الطبقة الوسطى وأشياء أخرى ذكرها واللعاب يتطاير من فمه. لو كانت هذه القرارات اللاشعبية جاءت بحكم الضرورة لهضمها المواطن وشرب فوقها كأس ماء وصبر إلى أن يأتي الفرج. لكن القرارات اللاشعبية التي اتخذتها حكومة بنكيران تهدف كاملة إلى إنقاذ الحكومة من ورطتها، وإنقاذها من العجز الذي تعاني منه، وإخراجها من حالة العجز عن إنتاج الثروة. قرارات جاءت لحفظ ماء الوجه ومعالجة اختلال الموازنة العامة الناتج عن ضعف التقدير وعن عدم القدرة على حل معادلات الاقتصاد والأزمة المالية. لو كانت غاية هذه القرارات اللاشعبية هي الإصلاح كما زعموا لقبلها المواطن، لكن ظهر للجميع أن هذه القرارات هي طريق الكارثة والتدهور الخطير الذي يمكن أن تعيشه البلاد لا قدر الله. للإصلاح طرق واضحة ومسالك ظاهرة. ولا يمكن رفع العناوين الكبرى من أجل تمرير مخططات جهنمية. فالزيادة في أسعار المحروقات كانت فرصة لبنكيران ليخرج أمام الشعب ومن خلال كل قنوات القطب العمومي للإعلام ليعد الفقراء بمخصصات شهرية ويهاجم الطبقة الوسطى والشركات، رغم أن الكل مرتبط في الدورة الاقتصادية ولا يمكن فصل هذا عن ذاك. وهذه الزيادة هي التي أعادت أزمة النقل إلى الواجهة؛ هذه الأزمة التي تعدت الزيادات إلى الرخص التي اتخذ منها رباح ومن خلف حزب العدالة والتنمية مطية للهيمنة على العالم القروي الذي استعصى عليهم ولوجه وذلك عن طريق توزيع آلاف رخص النقل المزدوج لفائدة الخطافة. عجيب لحكومة تفتخر بقرارات لا شعبية وكأنها تنتقم من شعب لم يصوت عليها، فالحزب الإسلامي يعرف جيدا أن عدد الأصوات التي حصل عليها لا تمثل كل فئات الشعب وأنه حصل عليها من خلال الناخب الزبون المرتبط بالحزب عن طريق الجمعيات الخيرية التابعة للتوحيد والإصلاح. إن حكومة تفتخر بقرارات لا شعبية هي بالنتيجة حكومة لا شعبية.