قد لا تكون كل القرارات التي تتخذها الحكومات قرارات شعبية، وقد تهوي شعبية حكومة ما أوشخصية سياسية ما إلى القاع، وفي ظروف كثيرة يكون السياسي مخيرا بين السيء والأسوأ، وعندما يختار السيء تثور حفيظة الناس بلا رحمة لأنهم لا ينظرون إلى الإختيار الثاني الأسوأ، وفي كل الدول التي تعتمد الانتخابات لتجديد مؤسسات السلطة وتحقيق التداول عليها يكون التصويت العقابي سلاح الشعب في مواجهة متخدي القرارات اللاشعبية، وفي إنتظار دورية الإنتخابات تكون الاحتجاجات هي الوسيلة الوحيدة لتبليغ السخط الشعبي. قبل أشهر كتبت في هذه الزاوية أنه مع تشكيل حكومة بنكيران تكون الأحزاب المغربية التي تشارك في الإنتخابات قد أكملت دورة التدوال على كراسي الحكومة، وأن جميع الأحزاب جربت المعارضة والحكم وهذه فرصة للديمقراطية ببلادنا وذلك لأن الجميع يجب أن يترك لغة المزايدات السياسية ويتجه لدعم إستقرار البلاد بدل تصيد بعض القرارات لتحقيق مكاسب انتخابية ضيقة، وللأمانة أيضا يمكن القول بأن بعض المزايدات السابقة لحزب العدالة والتنمية عندما كان في المعارضة ساهمت بشكل كبير في رسم ملامح المعارضة الحالية , فمن غير المقبول انتظارالورود ممن كانوا يقصفون بالحجر...ومنها ردود الفعل الحالية حول قرار الزيادة في أسعار المحروقات وما رافق تلك الزيادة المفاجئة من إنتهازية المضاربين الذين سارعوا إلى زيادات خيالية وإنتقائية لا تستقيم مع حقيقة الزيادة في المحروقات والتي كانت كبيرة بدورها، بشكل مستفز وبدون سابق تهييء، وبدون رؤية واضحة بالنسبة لإصلاح صندوق المقاصة، الذي يتفق الجميع على أنه لا يمكن أن يستمر بنفس التركيبة الحالية للدعم، ولكن في نفس الوقت قد يكون الواقع الحالي أخف ضررا من سياسة إرتجالية في الإصلاح مع ما يرافقها من تعقيدات على مستوى تحديد الفئات المستحقة للدعم وكيفية تقديمه والجهة الموكول لها تنفيذ هذا الدعم وهو أمرليس سهلا بكل تأكيد والإعتراف بهذه الحقيقة يعد فضيلة. هل كان ضروريا الزيادة في المحروقات وفي هذا التوقيت؟ قد تكون للحكومة مبرراتها وهذا إن وجد فإنه يكشف أزمة كبيرة لديها في التواصل مع الرأي العام، فقرارات مثل هاته تستوجب الوضوح الكامل والحق في المعلومة مكفول بنص الدستور. الآن هل كان ضروريا أن تبدأ الحكومة من جيوب المواطنين لترشيد نفقات المقاصة ؟الجواب هولا في إنتظار بيان حقيقة من الحكومة، والدليل هوأن مكتبا واحدا هو المكتب الشريف للفوسافط يستحوذ على 43,73 من الدعم المخصص للفيول الصناعي، وهذه معلومة صادمة لكنها الحقيقة كما هي عارية، ولعل المغاربة يفاجأون بهذه الحقيقة، إذ المفروض أن قطاع الفوسفاط هو رافعة للإقتصاد الوطني فإذا به يشكل عبئا على الاستقرار الاجتماعي من خلال إثقال كاهل صندوق المقاصة. لقد أخطأت الحكومة بدون مزايدة، وخانتها شجاعتها مرة أخرى... [Share this]