المغاربة ليسوا سواسية أمام القانون هللنا لخطاب التاسع من مارس، الحاسم بين مرحلتين والذي أكد على ضرورة الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، وصدقنا طريقة إنجاز دستور جديد، ولأول مرة يشارك الشعب في إنتاجه من خلال ممثليه، وآمنا بالدستور الجديد وبما جاء به من بنود اعتبرت ثورية في مضامينها، وخصوصا تلك المتعلقة بالمواطنين وبحقوقهم وما يجب أن يتمتعوا به من مساواة، فالقانون، حسب الدستور، هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. لابد من أن يفرح المواطن لهذا التأكيد على المساواة بين المواطنين، حتى لا يبقى هناك فرق بين وزير وغفير، وحتى لا يبقى الانتماء الاجتماعي هو الحاكم، وحتى لا تعود عناصر التجاوز وخرق القانون إلى بلدنا من جديد، وحتى لا يعود زمن اضطهاد المواطن دون أن يجد له ملجأ. غير أن النصوص الثورية لم تجد لها مصداقا على أرض الواقع مع أول حكومة نابعة من صناديق الاقتراع، وأول حكومة يتم تنصيبها طبقا لنتائج الانتخابات التي لم يطعن في شرعيتها أحد. فهذه الحكومة هي أول من زرع بذور الشك في نصوص الدستور، وهي أول من تآمر على الدولة من خلال عدم تنزيل القوانين التنظيمية التي بدونها لا يمكن أن يرى الدستور النور، وهي أول من أوحى للناس أن المواطنين ليسوا سواسية أمام القانون، وأن المساواة ما زالت لحد الساعة في النصوص. بين يدينا الآن نموذج صارخ لعدم المساواة بين المواطنين. إقدام وزير في حكومة بنكيران على مقاضاة صحفي، وهذا حقه وللقضاء وحده الحكم بمدى صحة ادعائه، وقبول الشكاية من طرف المحكمة، وفي المقابل رفضت محاكم الرباط أن تقبل شكاية تقدم بها صحفي من النهار المغربية ضد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وظل الصحفي يطوف بين المحاكم والأقسام وفي النهاية رفض أحد نواب الوكيل العام للملك أن يسجل الشكاية لأنه "لا يمكن أن يقبل شكاية ضد رئيسه". فهل هذا هو نموذج المساواة بين المواطنين؟ أم أن للمواطنة مفهوم آخر لدى وزراء العدالة والتنمية؟ أليست المواطنة مساواة في الحقوق والواجبات؟ أليست المواطنة مساواة في المسؤولية مهما كانت درجتها؟ أليس المحكمة هي ميزان المساواة ومعيارها الأوفى؟ وكيف تريد للمساواة أن تكون عنوان الوطن في بلد يريد له أولاد العدالة والتنمية أن يكون فيه المواطن الفاضل والمواطن المفضول؟ ينص الفصل94 من الدستور على أن "أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبون من جنايات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم. يُحدد القانون المسطرة المتعلقة بهذه المسؤولية". الدستور هنا واضح وأفصح عن معنى مسؤولية الوزير عن الجنح والجنايات التي يمكن أن يرتكبها. والدستور هنا يعتبر أعضاء الحكومة مواطنين مكلفين يمكن أن يصدر عنهم سلوك يضر بالآخرين. فلمن نلجأ إذا ما تم وقوع الضرر علينا من جانب وزير من الوزراء؟ هل سنذهب إلى بنكيران كما أمر نائب الوكيل العام للملك وهو ليس سلطة قضائية؟ وإلى متى ستستمر الحكومة في المماطلة في إصدار مسطرة محاكمة الوزراء؟ ولماذا تريد استمرار هذا الغموض؟ إن القضية هي صراع بين من يريد أن تكون المساواة بين المواطنين عنوانا للمرحلة الجديدة التي دخلها المغرب، وبين حزب يرى في نفسه أنه حزب الله المختار.