الطريقة التي تناول بها علي أنوزلا حكاية المدرب البلجيكي إيريك غيريتس مع المغاربة، تشبه إلى حد كبير حكاية مسقط الطائرة، فقد استغل حالة الغضب التي تنتاب مشاعر الجمهور المغربي بعد الهزيمة أمام الموزمبيق، ليصب جام غضبه على كل ما هو مغربي، بل ويستعرض أحقاده الدفينة على المؤسسات. ليس هناك خلاف على أن غيريتس عليه أن يرحل، بعدما عجز عن تحقيق طموحات المغاربة، وليس هناك خلاف أيضا أن جامعة الكرة لم تتمكن من تدبير المرحلة الحالية بشروط معقولة تضمن حقوق جميع الأطراف، لأن غيريتس سواء فشل في مهمته أو نجح فيها، فيرتبط بعقد مع الجامعة، ولابد من احترام هذا العقد وهو أمر معمول به في جميع الدول، وفي النهاية الحكاية لم تصل حد تسفيه المغاربة، والنيل منهم كما يفعل اليوم أنوزلا، فكرة القدم وإن كانت رياضة شعبية فهي لا يجب أن تحضى بكل هذا اللغط، لدرجة أننا نوقف مسيرة المغرب إلى حين الانتهاء من قضية غيريتس، وأظن أن هذا هو الاحتقار أن نركن مشاكل المغاربة جانبا ونوجه عنايتنا إلى موضوع المدرب الوطني الذي تحول إلى هاجس لدى الجميع. المغاربة أذكياء بطبيعتهم، يعتزون بتاريخهم وشخصيتهم ولديهم كرامتهم التي يستمدونها من مغربيتهم المتجذرة في أعماقهم، وما لا يفهمه أنوزلا أن العلاقة بين الملك والشعب تقوم أساسا على البيعة المستمدة من الإسلام، وأن الملك له حضوره الرمزي والاعتباري في نفوس المغاربة، وأن العلاقة بين الطرفين مبنية على التقدير لشخص الملك وليس كما يريد أنوزلا ومن يعمل لديهم تصويرها، أكثر من ذلك لا نعتقد أن الملك يمكن أن يتدخل في ملف غيريتس، أو غيره لأن هناك علاقة تعاقدية لابد من احترامها، اللهم إذا كان لدى أنوزلا تصور آخر لا يعرفه الجمهور المغربي، ويعلم الجميع أن عقود المدربين في جميع الدول تتم وفق هذا الشكل، لكن بالنسبة لأنوزلا الموضوع لا يتعلق بمدرب أجنبي فشل في قيادة الفريق الوطني، وارتفعت الأصوات لإقالته، الموضوع أنه يريد تصفية حساباته مع المؤسسات، وفي كل مرة يبحث عن موضوع ليجعله منطلقا لتنفيذ مخططات جهات تريد في كل مرة أن تصطاد في الماء العكر، وتحول المغرب إلى مادة دسمة تحجب بها ما علق بثوبها من فضائح، وتلك حكاية معروفة، وأسطوانة مشروخة يعزف عليها أنوزلا عزفه الرديء. لقد أبى أنوزلا إلا أن يقدم لنا حجمه الحقيقي، وهو الذي ظل يعيش على الفتات، ويقبل أن يضرب كل ما هو مغربي، إرضاء لجهات لا يعلمها إلا هو، لقد اتخذ طواعية موقفا قصيا وعزل نفسه عن كل المغاربة، وراح يخبط يمينا وشمالا فهذه تصيب وكثير غيرها يضرب في الماء ويخرج كما دخل خالي الوفاض، لأنه في الأصل لا يملك سوى تلك الكلمات التي يغير أسلوبها تبعا للظروف والحيثيات، وإلا كيف يفسر لنا حديثه عن حفل الولاء الذي يعتبر جزءا من الدولة المغربية، وكيف يقحم ادريس البصري وكيف يعرج على الجينرال حسني بنسليمان الذي أصبح يشكل عقدة نفسية صعبة العلاج بالنسبة لأنوزلا، فلا تخلو مادة يكتبها تحت الحساب من ذكر الجينرال بنسليمان، وإذا ظهر السبب بطل العجب