توقعت مصادر مهنية، أن تؤثر الزيادة المرتقبة في الضريبة الخاصة بإنتاج الإسمنت على ثمن توزيع هذه المادة التي وصفتها المصادر ذاتها بالحيوية، والتي أشارت، إلى أن أي تغيير في تكلفة إنتاج الإسمنت ستكون له انعكاسات سلبية على كثير من المجالات، مشددة، على ضرورة إشراك المهنيين في أي نقاش محتمل، وطالبت المصادر، بضرورة الأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن العادي في ظل استمرار الأوراش الخاصة ببناء مشاريع السكن الاقتصادي، وانتعاش كثير من الأوراش الأخرى خاصة ما يتعلق باستمرار شق الطرق وبناء المؤسسات والمنشآت الاقتصادية التي تعتبر مادة الإسمنت ضرورية من أجل إنجازها، وأضافت المصادر، أن أي زيادة مهما كانت قيمتها ستكون لها عواقب وخيمة، موضحة، أن الحكومة الحالية تسعى إلى تدبير مشاكلها على حساب قطاعات تعاني كثيرا من الإكراهات. وطالب مهنيون بضرورة وضع دراسة جديدة لسوق الإسمنت، وتحديد إكراهات السوق في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج، معتبرة، أن سوق الإسمنت في المغرب تبقى سوقا واعدة، لكنها في حاجة إلى مواكبة حكومية، تأخذ بعين الاعتبار معادلة العرض والطلب، وأوضحت المصادر، أن الإسمنت يشكل المادة الحيوية الأولى في العالم، كما أنها تعتبر أحد المساهمين في سوق الشغل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مشددة، على أن أي نقص في إنتاج هذه المادة، يمكن أن يؤدي إلى شلل تام في الاقتصاد العالمي، خصوصا، أنها تشغل كثيرا من المجالات ذات الصلة، بما فيها إنتاج الطاقة سيما الطاقة الكهربائية. ووصفت المصادر ذاتها، قرار الحكومة بالزيادة في الضريبة على الإسمنت بالقرار المتسرع وغير المدروس، وبأنه لم يراع الأزمة الاقتصادية التي أرخت بضلالها على السوق المغربية. توقعات بارتفاع الأسعار توقع مهنيون أن تعرف أسعار الإسمنت بالمغرب ارتفاعا في الفترة المقبلة تنضاف إلى الارتفاعات التي شهدها القطاع مؤخرا، بسبب الزيادة التي طبقتها حكومة عباس الفاسي في تسعيرة الكهرباء الموجه إلى كبار الصناعيين والتي دخلت حيز التطبيق في مارس الماضي، بواقع زيادة 18 %، وقال المهنيون، إن الزيادة في الضريبة بنسبة 5 في المائة التي أقرها القانون المالي الذي ينتظر أن تقدمه حكومة عبد الإله بنكيران إلى البرلمان في مارس المقبل، سترفع كلفة الإنتاج بالنسبة إلى شركات الإسمنت بنحو يقترب من نسبة 3 %، ووفق إفادة المهنيين، فإن الزيادة في سعر الإسمنت تبررها تحمل المنتجين لنفقات إضافية، تهم نفقات الكهرباء التي تشكل 60 % من فاتورة الطاقة الضرورية للإنتاج الصناعي لهذه المادة. موضحين، أن الرفع من الضريبة على إنتاج الإسمنت قد يؤدي آليا إلى تضرر القدرة الشرائية، خصوصا، بفعل تزايد الطلب على الإسمنت من قبل المقاولات الصناعية العاملة في مجال البناء، والمقاولات العاملة في الأشغال العمومية. وهدد مهتمون بانفجار الوضع، خصوصا، أن أي زيادة في ثمن الإسمنت، ستكون له تأثيرات على مجموعة من القطاعات الأخرى خاصة قطاع العقار، الذي عرف طفرة نوعية في السنوات الأخيرة مع إطلاق ورش السكن الاجتماعي بتكلفة منخفضة. الإسمنت صناعة عالمية تعود صناعة الإسمنت إلى سنة 1824 حين أنتج البريطاني جوزيف آسبدين الأسمنت البورتلاندي بتحضيره من خلطة من الأحجار الكلسية والتربة الطينية، ثم طحنها وتكوين عجينة منها بعد مزجها بالماء ثم حرق هذه العجينة في أفران خاصة لينتج منها قطعا صلبة سوداء تسحق فيما بعد لتصبح جاهزة للاستعمال في البناء، وقد أطلق عليها اسم اسمنت بورتلاند لتشابه لونها مع لون حجارة جزيرة بورتلاند البريطانية. ويبلغ إنتاج العالم من الأسمنت أزيد من 2000 مليون طن من الأسمنت سنويا، ينتج العالم العربي منها حوالي 200 مليون طن بينما تأتي الولاياتالمتحدةالأمريكية في طليعة المنتجين إذ يبلغ إنتاجها نحو 80 مليون طن سنويا، ويتخذ المحللون من معدل السنوي لاستهلاك الفرد للإسمنت دليلاً على مدى التقدم العمراني في بلد ما. وفي المغرب كشفت تقرير لوزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، أن استهلاك الإسمنت بالمغرب بلغ 14.59 مليون طن مسجلا بذلك زيادة بنسبة 9.25 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، وذلك بسبب استهلاك إضافي سجل متم نونبر الماضي قدره 1.24 مليون طن، وأوضح بلاغ للوزارة، أن الدينامية الجديدة التي تم إحداثها سنة 2010 مكنت من تسجيل زيادة هامة في استهلاك الإسمنت خلال سنة 2011 تعكس الظروف الجيدة لتطور قطاع العقار التي تعد جميع مؤشراته إيجابية. وسجل نفس المصدر، أن أكبر حجم من الاستهلاك سجل على مستوى جهتي الدارالبيضاء الكبرى وطنجة - تطوان على التوالي بنسبة 2.22 مليون طن و1.62 مليون طن، مبرزا، أن هاتين الجهتين تشهدان انطلاق أكبر عدد من المساكن الاجتماعية (498 30 وحدة سكنية بجهة الدارالبيضاء الكبرى و913 29 وحدة سكنية بجهة طنجة - تطوان) وتلي هاتين الجهتين جهات فاس - بولمان (708 10 وحدة سكنية) وسوس ماسة - درعة (502 10 وحدة سكنية) ومراكش تانسيفت - الحوز (241 8وحدة سكنية) والشاوية - ورديغة (7081 وحدة سكنية) بحجم استهلاك الإسمنت يتراوح بين 0.67 و1.46 مليون طن. ارتفاع كلفة الإنتاج يؤدي إلى الزيادة في ثمنه أرجع مصنعو الإسمنت سبب ارتفاع الأسعار، إلى ارتفاع كلفة الإنتاج وخاصة عامل الطاقة، وقال المهنيون، إن الزيادة في أسعار الكهرباء التي تمت بشكل ملحوظ ومطرد منذ 2006 رفعت الأسعار خلال الخمس سنوات الأخيرة بنسبة 10 في المائة، متأثرة بالضغط المتزايد على كلفة إنتاج الإسمنت التي تعد من أكبر مستهلكي الكهرباء. وخلال هذه الفترة من السنة عمل القطاع وبدعم من الدولة على مضاعفة الطاقة الإنتاجية للإسمنت لتصل إلى 24.2 مليون طن مع نهاية سنة 2010، ومواكبة التغيرات التكنولوجية من خلال تحديث التجهيزات الإنتاجية والرفع من الإنتاجية وتحسين الجودة وكذا تقوية التأطير. وشهدت الفترة أيضا دخول مستثمرين محليين ميدان صناعة وإنتاج الإسمنت بعد أن ظلت هذه الصناعة تابعة لمستثمرين أجانب، وقد اقتحمت ثلاثة شركات إنتاج المادة، كما فرض على كل الشركات العاملة بالمغرب الاستثمار في الرفع من إنتاجيتها وفي إنشاء وحدات جديدة للمساهمة في تغطية الطلب المتزايد في مختلف أنحاء المغرب. وساهم هذا التطور في ارتفاع مبيعات الإسمنت في السوق المغربي خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2011، هذا الارتفاع بلغت نسبته، حسب إحصائيات الجمعية المهنية لشركات الاسمنت، 11 في المائة. ارتفاع الضريبة يهدد ارتفاع الأسعار أقر مهنيو صناعة الإسمنت، أن الارتفاع في الأسعار يرجع إلى الضريبة الخاصة المفروضة على الإسمنت، والضريبة على القيمة المضافة، ففي سنة 2008 تم إخضاع كل طن من الإسمنت لضريبة 50 درهما، بهدف تمويل السكن الاقتصادي وهو ما أدى إلى تشجيع المنعشين العقاريين على إنتاج السكن وبالتالي الزيادة في طلب الإسمنت. وحذر المهنيون من أن أي زيادة ضريبية جديدة قد تكون لها انعكاسات سلبية، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية التي تهدد بركود اقتصادي سيشمل جميع المجالات، وأوضح المهتمون، أن سوق الإسمنت في المغرب تحتاج إلى دفعة حكومية جديدة من أجل استعادة حضورها، وكذلك لكي تواكب الأوراش الكبرى، التي تم إطلاقها خلال السنوات الأخيرة، وخاصة مشاريع السكن الاجتماعي وورش الطريق السيار، وأشار المهنيون، إلى كون هذه الأوراش تحتاج كلها إلى الإسمنت، وقد يزيد الطلب عن العرض، مما ستكون له عواقب وخيمة على مشاريع العقار التي لم تتوقف في المغرب. وأوضحت تقارير غير رسمية، أن الإسمنت بات ضروريا في الحياة اليومية للمواطن ليس في المغرب فقط ولكن عبر العالم، وذهبت إلى حد القول، إن الإسمنت يعتبر المنتوج الأول عالميا، ويتقدم على منتحات الحبوب، إذ أن الحاجة إلى الإسمنت تفوق في كثير من الأحيان الحاجة إلى الحبوب. وأوضح مهتمون، أن الإسمنت ليس مجرد ضرورة حياتية بل إنه يشكل عجلة أساسية لدوران الاقتصاد، لا سيما فيما يتعلق بالأوراش الكبرى مثل بناء السدود والقناطر والطرق السيارة والأبراج وباقي المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى كميات مهولة من الإسمنت.