عندما فشلت المفاوضات حول حكومة التناوب الأولى علل الملك الراحل الحسن الثاني إصراره على عدم منح أحزاب الكتلة، التي سماها الجماعة، بعدم منحها حقيبة الخارجية بأن الكتلة خرجت في مسيرات شعبية شتمت من خلالها كل شركاء المغرب في السياسة والاقتصاد، وبالتالي سيكون من الصعب عليها الجلوس مع هؤلاء غدا. نستحضر هذه القولة اليوم، وقد أصبحت الحكومة بقوة الدستور منتخبة من صناديق الاقتراع وأصبحت الوزارات حزبية إلا ما ارتضت هي أن يبقى خارج التحزب، نستحضر هذه القولة لنسائل حكومة بنكيران هل بمقدورها إدارة ديبلوماسية قوية أم أن مسار بنكيران السياسي والدعوي سيؤثر سلبا على عمل الخارجية المغربية وبدل أن نربح أوراقا سنخرج الكثير منها. نعرف جيدا أن حزب العدالة والتنمية يرتبط بعلاقات طيبة مع دولة قطر من خلال الشيخ يوسف القرضاوي، مفتي الجزيرة، وبحزب العدالة والتنمية في تركيا والذي تبين أنه حزب براغماتي يمكن أن "يقلب وجهه" على زملائه في الحركة الإسلامية، أما ما عدا ذلك فإن حزب الإسلاميين راكم العديد من العداوات شرقا وغربا. فأول نتائج حكومة بنكيران قبل أن تتشكل هو تراجع مجلس التعاون الخليجي عن قراره طلب عضوية المغرب في صفوفه، وفهم المتتبعون هذا القرار الذي ربطوه بعلاقات مجموعة بنكيران مع سلفيات الخليج العربي التي تشكل بعض المتاعب لحكومات دول المجلس، وكانت تلك أولى الثمار السيئة التي جناها المغرب من تعيين بنكيران رئيسا للحكومة، فليس العيب في بنكيران وقد اختارته صناديق الاقتراع حزبا أول في المغرب ولكن العيب أن يدخل فيما لا يعنيه. وفي أول تصريح لبنكيران فيما يخص قضية دولية تبين أن هذا الأخير ليس له في السياسة ولا يعرف متى يختار الموقف ولا كيف يؤسسه، فينما صرح الطيب الفاسي الفهري تصريحا بسيطا قائلا إننا ندعم حق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية، هاجم بنكيران النظام السوري ووصفه بما لا ينبغي أن يتورط فيه رئيس حكومة، فقط لأن بنكيران لا يميز بين مواقعه المختلفة فهو مازال يستحضر الأنشودة الإسلامية حول حماة والاعتقالات في صفوف الإخوان المسلمين. وفي جعبة بنكيران ما شاء الله من المواقف بخصوص الدول والأنظمة فهو ابن الحركة الإسلامية التي كانت تصف أمريكا بالشيطان الأكبر وتعتبر روسيا ملحدة، ومر بنكيران دون أن يقوم بالمراجعات الفكرية اللازمة وهو الذي تربى على كتاب محمد قطب "جاهلية القرن العشرين"، فكيف سيتعامل مع دول الجاهلية؟ الديبلوماسية فن وعلم وممارسة، وهي موجودة في الدولة كما تمارسها الأحزاب والتنظيمات، إلا أن مجموعة بنكيران لم تترك صديقا لها في دول العالم وبالتالي ينبغي أن ننظر لمستقبل الديبلوماسية المغربية بعين حذرة لأن العديد من الدول في سجلاتها مواقف مؤسفة لبنكيران والدول لا تنسى لكن يمكن أن تتناسى إذا ما عمل بنكيران على تغيير نفسه "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". هل يستطيع بنكيران أن يلبس جبة المسؤول الحكومي ويدع جبة المسؤول الحزبي؟