ديمقراطية بنكيران كان عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يفتخر على زملائه زعماء الأحزاب السياسية بأن حزبه هو الوحيد الذي يطبق الديمقراطية الداخلية على أحسن ما يرام، لكن تبين أن الديمقراطية الداخلية لدى الحزب الإسلامي جزء من أساطير الأولين، فبنكيران أكد اليوم أنه الآمر الناهي في الحزب، وأن بوابة الحزب يحرسها جلاوزة غلاظ شداد لا يعصون الأمين العام ما أمرهم، وأن الأمر الأول والأخير لبنكيران ومن لم يعجبه الحال فليشرب البحر أو يقول له العبارة المهذبة للراحل سياسيا عبد الرحمن اليوسفي. فقد أكد بنكيران اليوم أنه حاكم مطلق ولا يؤمن بالديمقراطية ولقد تعود على ممارسات لم تعد مقبولة في هذا الوقت، وهو الذي يطالب غيره بتطبيق الديمقراطية والتداول الديمقراطي الذي ينبغي أن يمنحه رتبة رئيس للحكومة ولو "بزز". لقد اختارت قواعد الحزب شخصا مسؤولا بالانتخاب، وقال لهم بنكيران "لا أريكم إلا ما أرى"، ومن يرجع إلى الآية الكريمة سيعرف من قال هذه العبارة وما هي مواصفاته، لقد اختارت قواعد الحزب مرشحا واستبدله بنكيران بمحمد يتيم، رفيقه في تأسيس المجموعة التي قرصنت حزب الدكتور الخطيب. إن منطق "لا أريكم إلا ما أرى" منطق الفراعنة أما منطق الدعاة والأولياء فهو منطق اختيار الأفضل، بعيدا عن تلك الألفاظ الرنانة التي دأبت عليها مجموعة التوحيد والإصلاح السلفية من قبيل "الشورى الملزمة". قد يقول بنكيران هذا حق من حقوق الأمانة العامة، لكن أين حق القواعد الحزبية التي تعرف الأصلح للدائرة؟ والقواعد على حق حتى لو أساءت الاختيار لأن هذا هو منطق الديمقراطية. لقد فرض بنكيران على قواعده الحزبية شخصا غير مرغوب فيه حتى لو كان من حجم محمد يتيم، وبالتالي هو يؤكد أن الديمقراطية ليست سوى لعبة بسيطة يذغذغ بها العواطف أما بنكيران ورفاقه فهم أوفياء للنهج السلفي الذي لا يميز بين القدرات التكوينية والكسبية، وبالتالي فإن الشورى تعني لديه شورى القائد أما إذا عزم على أمر فليتوكل على الله، ناسيا أن النبوة تكوينية والرسول مسدد بالوحي، أما هو فعليه أن يكتسب المهارات ويخضع لقواعد الديمقراطية ولا مجال للمقارنة بين مرحلة التنزيل والمراحل الأخرى التي لا حدود فيها للتأويل، ونعتقد أن بنكيران نسي وظيفته الدعوية بعد أن اشرأب عنقه للمسؤوليات السياسية وقد أفصح عن ذلك في مهرجان خطابي بسيدي قاسم عندما قال "بعنا ديننا بدنيانا"، له الحق في البيع والشراء لكن ليس له الحق في مقارنة ما لا يجوز المقارنة بينه. من مميزات بنكيران أنه يتوفر على قدرة كبيرة على خذاع رفاقه وإقناعهم ليس بالحجة ولكن بالخذيعة، فبالأمس كان يفرض عليهم قرارات بعد أن يقول لهم إن الضابط المعروف قد أوحى له بمعلومات، واليوم يحاول إقناع رفاقه بكون حزبه أولى برئاسة الحكومة، وهلم معلومات يتوفر عليها الأمين العام. فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل العربي، فأي نموذج سيقدم بنكيران للمغاربة إذا تولى أمرهم؟