لقيَ غياب وزارة أو وزارة منتدبة للبيئة في التشكيلة الحكومية الجديدة اهتمام ناشطين وجمعويين بيئيّين، بعد أن اختفى مصطلح "البيئة" وحلت محله مسؤوليات وزارية أخرى موازية كالماء، المياه والغابات، والتنمية المستدامة. ومن المؤكد أن غياب المصطلح يجرّ معه غيابا أكيدا لعدد من المجالات والاهتمامات التي لا يمكن أن تقوم بها إلا وزارة مكلفة بالبيئة، بمعناها الشامل والعام، خصوصا بعد توقيع المغرب على اتفاقية باريس حول التغيرات المناخية، ثم انعقاد مؤتمر كوب 22 بمراكش، وقبله ميدكوب 22 بطنجة، بما كان يؤشر على اهتمام كبير بالمجال البيئي، لعلّ أقل مظاهره كانت تعيين وزير أو وزيرة مكلفة بالبيئة. عدنان معز، نائب رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، قال: "فعلا هي مسألة غريبة، أن تغيب وزارة مكلفة بالبيئة؛ فالوزارة السابقة المنتدبة، والتي كانت تابعة لوزارة الطاقة والمعادن، تتوفر على هيكلة جهوية عبر المندوبيات الجهوية، ولها أدوار محورية في مسائل جد دقيقة من قبيل تتبع دراسة التأثير البيئي، والشرطة البيئية، ورصد خروقات عبر التقارير". وواصل المتحدث، في تصريح له، إن "السؤال الآن هو: هل هو تغيير في الاسم فقط، أم تغيير في الاختصاصات؟ علما أن اسم التنمية المستدامة لا يعني فقط البيئة، بل تتداخل فيه مجموعة من القطاعات؛ فمصير البيئة اليوم يبقى سؤالا معلقا إلى أن يجيب عنه التصريح الحكومي وترسيم الحدود بين الوزارات". معزّ تمنى أن تكون المسألة تغييرا في الاسم فقط "وإلا ستكون نكسة حقيقية في المغرب وهو الذي يترأس اليوم عبر وزارة البيئة السابقة قمة المناخ إلى أن تنعقد القمة المقبلة"، حسب تعبير المتحدث نفسه. وفي ختام حديث الفاعل البيئي قال: "استغربنا، كفاعلين في مجال البيئة، هذا التغيير؛ ولكن ما زال يحذونا أمل بأنه تغيير في الشكل، وليس في المضمون. إن مطالبنا كانت دوما تسليح الوزارة وأطرها بمزيد من الآليات والقوانين للحفاظ على ما تبقى من موارد وطننا، وليس التراجع عما تم تحقيقه وإعطاء الكلمة الأولى للآلة الاقتصادية البيئة في وجه أطفال المغرب اليوم، ورجاله غدا". من جهته، اعتبر إسماعيل أيت الحسان، مدير منتدى طنجة الخضراء، أن عدم إحداث وزارة للبيئة وإلغاء كتابة الدولة في البيئة التي كانت تابعة لوزارة الطاقة والمعادن يعد "قرارا غير مدروس، وقد يخلق تضاربا في الصلاحيات يخل بمبدأ الشفافية ويعرقل وتيرة الأداء الحكومي، وهذا بالنسبة إلي يمثل تراجعا سياسيا في مستوى الاهتمام بالشأن البيئي". وفيما يتعلق بفرص استقطاب التمويلات الدولية، أضاف أيت الحسان: "طبعا، هذا يضعف فرص استقطاب التمويل الدولي الموجه للدول ذات الالتزام الأكبر بقطاع البيئة، والموقعة على الاتفاقيات الدولية التي كان آخرها بمدينة مراكش".