متألقة ومفعمة بالحماس والحيوية، هدى شلون تنتمي إلى تلك الطينة من المغامرات اللواتي يعتبرن أن السفر لم يعد مجرد متعة أو حلم بل تجاوز ذلك التوصيف ليكون نمط حياة في حد ذاته. بعد انطلاقتها في رحلة استكشاف العالم في يونيو 2014 ، زارت خلالها بلدان بعيدة ومليئة بالعجائب كنيكاراغوا وكوستاريكا وكولومبيا والإكوادور والبيرو وبوليفيا والشيلي والأرجنتين، بل وصلت حتى أرض النار في أقصى جنوب الكرة الأرضية، وتوقفت هدى في استراحة قصيرة بالمغرب قبل استئناف الرحلة من النقطة التي توقفت عندها أي البرازيل.
بعد السفر عبر نهر الأمازون إلى مازاغاو، المدينة التي بناها البرتغاليون الذين غادروا الجديدة قبل نحو 240 عاما، والتمتع بجمالية خليج ريو دي جانيرو، انغمست هدى، المتخصصة في الإعلاميات أواخر دجنبر الماضي، في مغامرة جديدة في عمق البرازيل، البلد المترامي الأطراف إلى درجة يوصف معها بكونه قارة لشساعة أراضيه وتنوع ثقافته وتعددها.
وخلافا للرحلة الأولى التي تخللتها عدة محطات وطرق التفافية، أحيانا طواعية، وأحيانا أخرى مكرهة، اختارت الرحالة المغربية الاستقرار في مجتمع ريفي في ولاية ساو باولو لإطلاق العنان لخيالها وإلهامها في انتظار “نداء جديد من الطريق” التي ستقودها إلى وجهتها المقبلة.
كما ستستغل فرصة إقامتها بين أحضان الطبيعة الخضراء من أجل الظفر برحلة روحية مع الذات وتكريس وقتها لتأليف كتاب حول تجربتها في السفر التي سجلتها على مدونتها “موروكن نوماد.كوم”.
ففي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، تقول هدى شلون، التي تخلت عن حياة النمطية من أجل حياة اسكتشافية وبوهيمية، “صحيح أن الحاجة إلى التحرك مازالت تسري في عروقي، ولكن الآن خف وقعها بفضل سلام داخلي يعتريني لا يرى في الوقت ومتطلباته سوى وسيلة للتعلم وليس ضرورة ملحة”.
وفي تقدير هذه المغامرة، فإن العودة إلى البرازيل هي في المقام الأول سعي “لفلسفة اللحظة الراهنة”، ولكن أيضا فرصة لتجريب متعة “التغيير من يوم لآخر، دون برنامج مسطر ودون مهمات” وأيضا هي مناسبة للتعرف على أشخاص جدد.
وتضيف هدى، المنحدرة من مدينة الجديدة، والتي جعلت من العالم عنوان بريدها، أن نمط الحياة القائم على الترحال واللقاء هو إلى حد ما تجربة لم تكن قد وضعتها في الحسبان في بداية رحلتها.
“لقد سمح لي السفر بالعيش بشكل مختلف، بطريقة أكثر وعيا لأن كل خطوة وكل قرار وكل لحظة لها أهميتها”، تسرد الرحالة، التي تتذكر بحنين أسفارها الأولى زمن الطفولة في جميع أنحاء المغرب.
سنوات بعد ذلك من الطبيعي جدا أن تجد هدى نفسها ضمن نمط حياة الرحل “صحيح أنني عاينت تجسيد هذا النمط من الحياة في مناسبات عديدة في رحلاتي. أولئك المسافرون الذين يتحركون قليلا، يستقرون بضعة أشهر أو أسابيع .. ثم يعاودون الانطلاقة دون كثير تخطيط، أثبتوا لي أن هذا النمط من الحياة ممكن، ولكن فقط في حدود أن يقوم كل بذلك على طريقته الخاصة”.
وإلى ما وراء الغوص مع تجربة الذات الداخلية، والتي تأمل هدى أن تنهل من معينها بالإيجابي والمثمر، تحرص ابنة الجديدة ذات الثلاثين ربيعا، اليوم ثامن مارس، على إطلاق تدوينات صوتية على مدونتها بعنوان “السفر في دقيقة واحدة”، في خطوة تسعى من خلالها لتقاسم حبها للاستكشاف وأيضا لتقديم تحية إلى كل نساء العالم بمناسبة يومهن العالمي.