قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الخميس 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 إنه ينبغي لروسيا الاعتذار عن انتهاك المجال الجوي لبلاده وذلك بعد أيام من إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية قرب الحدود السورية. ونقل الموقع الإلكتروني لمحطة سي إن إن الإخبارية عن أردوغان قوله "من انتهكوا مجالنا الجوي هم من ينبغي لهم الاعتذار." ومن جانبه أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ب"عدم وجود أسباب تدفع بلاده إلى الاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية"، مؤكداً أنّها "أسقطتها وفقاً لقواعد الاشتباك"، وذلك رداً على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأشار وزير الخارجية التركي، عقب لقائه رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، مصطفى أكينجي، في مقر رئاسة الجمهورية، في نيقوسيا، الخميس، إلى "وجود علاقات سياسية، واقتصادية، متميّزة بين تركياوروسيا". وأوضح أن بلاده لا ترغب في رفع مستوى التوتر بين البلدين، مؤكداً أنّ "العلاقات بين البلدين ستعود إلى سابق عهدها، خلال حلّ الأزمة بالطرق الدبلوماسية والحوار".
وحول اتهامات بوتين بتواطؤ تركيا مع الجهاديين، رد الرئيس التركي مؤكدا أن التزام بلاده ضد تنظيم الدولة الإسلامية "لا جدال فيه". أردوغان، في لقاء مع مسؤولين محليين في العاصمة أنقرة تحدى روسيا أن تثبت أن تركيا تشتري النفط من التنظيم، مؤكدا أن "الذين يتهموننا بشراء النفط من داعش يجب ان يثبتوا اتهاماتهم". وقال إن بشار الأسد ومؤيدوه "في إشارة لروسيا وإيران" هم مصدر تمويل وتسليح التنظيم. كما أكد أن تركيا تتخذ الاحتياطات لمنع تهريب النفط عبر حدودها وهو مصدر دخل رئيسي للدولة الاسلامية، وأن التزام تركيا ضد تنظيم الدولة الاسلامية "لا جدال فيه" وقال الرئيس التركي "لا تكاد توجد دولة غير تركيا تحارب "داعش"، بشكل جدي، وتركيا أول من وصفت التنظيم بالإرهابي عام 2005، عندما كان يتبنى اسمًا آخر، ومع ظهوره عام 2013 باسمه الحالي، وصفناه بالإرهابي، وواصلنا وسنواصل محاربته". وأضاف أن غاية الذين يحشدون قواتهم في سوريا تحت اسم محاربة تنظيم داعش، ويستهدفون قوات المعارضة المعتدلة التي تحارب النظام، دون إلحاق ضرر يذكر بالتنظيم، ماثلة للعيان.
وقال لا ننوي خلق توترات جديدة في المنطقة، بل نسعى جاهدين لإحلال السلام والهدوء فيها. فلا يوجد أي سبب يدفعنا لاستهداف روسيا، التي تربطنا بها علاقات قوية ومتينة، ما لم يكن هناك انتهاك لمجالنا الجوي. هناك فرق بين خلافنا مع الروس بخصوص القضية السورية، وبين تطبيقنا قواعد الاشتباك". وحول علاقة بلاده بروسيا قال إنه "لدينا شراكة استراتيجية مع روسيا، وهذا يتطلب التضامن فيما بيننا، وليس تهديد بعضنا البعض".
أردوغان تعهد أيضا بمواصلة مساندة الجماعات المعارضة المعتدلة والتركمان في قتالهم ضد نظام الأسد. وأضاف مخاطبا روسيا: "البارحة قمتم بقصف شاحنات المساعدات الإنسانية، ونتج عنه مقتل 3 أشخاص وجرح 7 آخرين. وأمام هذا المشهد تدّعون بأنكم تحاربون تنظيم داعشن المعذرة فأنتم لا تحاربون داعش، تقصفون فقط اخوتنا التركمان في شمال اللاذقية بالتنسيق مع النظام السوري من أجل إخلائها من سكانها، وتقتلون المواطنين السوريين". تصريحات أردوغان تأتي عقب يومين من إسقاط طائرتين إف 16 تركيتين لطائرة روسية قالت أنقرة إنها اخترقت المجال الجوي التركي من جانبه أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس عن أسفه لعدم تلقي روسيا أي اعتذار من أنقرة بعد يومين على إسقاط قواتها الطائرة الحربية الروسية. وقال بوتين "لم تردنا حتى الآن أي اعتذارات واضحة من قادة تركيا ولا عروض للتعويض عن الأذى والضرر"، خلال حفل نقله التلفزيون الروسي. بوتين أضاف "لدينا الانطباع بأن القادة الأتراك يقودون عن وعي العلاقات الروسية التركية إلى طريق مسدود، يؤسفنا ذلك، نحن لا نجد تفسيرا لطعنات الغدر هذه في الظهر من قبل أولئك الذين كنا نعتبرهم حلفاء في مكافحة الإرهاب". والأربعاء، اتهم رئيس وزراء روسيا دميتري مدفيديف تركيا "بحماية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية" مشيرا إلى "المصلحة المالية المباشرة لبعض المسؤولين الأتراك" في بيع النفط الخام المنتج في مناطق سيطرة التنظيم.
والخميس أمر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف حكومته باتخاذ إجراءات تشمل تجميد بعض مشروعات الاستثمار المشتركة مع تركيا ردا على اسقاط أنقرة للطائرة العسكرية الروسية. وأعلن مدفيديف في جلسة للحكومة نقلها التلفزيون أن هذه الاجراءات ستتعلق بالتجارة والاستثمارات وتشغيل اليد العاملة والسياحة والنقل الجوي وحتى المجال الثقافي. مدفيديف تابع "أقترح أن يتم ذلك في مهلة من يومين لإطلاق الآليات اللازمة بأسرع ما يمكن". كما ألمح من دون الخوض في التفاصيل إلى إمكان تعليق مشاريع مشتركة وزيادة التعريفة الجمركية وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. كما قد يتأثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا. وتطرق رئيس الوزراء الروسي إلى إمكان الحد من استيراد المواد الغذائية التركية.