تشهد عاصمة إقليم كتالونيا، برشلونة، الجمعة مظاهرة شعبية حاشدة لإحياء العيد الوطني والمطالبة بالانفصال عن أسبانيا. ويأتي هذا الاحتفال السنوي قبل أيام من انتخابات المقاطعات التي ستجري نهاية شهر سبتمبر الجاري والتي يتوقع أن يفوز فيها دعاة الانفصال. يخرج عشرات الآلاف من سكان عاصمة إقليم كتالونيا، برشلونة، في مظاهرة شعبية كبيرة لإحياء العيد الوطني أو ما يسمى بحفل " الديدا". ومهما كانت الخلافات السياسية والتوجهات الاقتصادية والإيديولوجية للمتظاهرين، فهم يتقاسمون حلما واحدا، هو استقلال إقليمهم عن أسبانيا. وتتزامن هذه المسيرة الشعبية التي تنظم كل سنة مع بدء الحملة الرسمية لانتخابات المقاطعات المقررة في27 سبتمبر الجاري والتي من المقرر أن تمنح فوزا ثمينا للمدافعين عن الانفصال، كما كتبت صحيفة " الموندو"، والتي رجحت فوز الانفصاليين ب 70 منصبا من أصل 74 في البرلمان المحلي. وفي حال تحققت هذه التوقعات، فستمنح دون شك لرئيس حكومة كتالونيا، أرتور ماس، دوافع إضافية لكي يحرك من جديد مسألة "الانفصال" عن الحكومة المركزية في مدريد ويعلن بشكل أحادي استقلال كتالونيا. وهو الأفق السياسي الذي تخشاه الحكومة الأسبانية، والتي تحاول بشتى الوسائل تعطيل هذا المسار لإبقاء أسبانيا موحدة. الرياضة تتحول إلى وقود للسياسة وما يميز هذه الحملة الانتخابية هو انخراط بعض اللاعبين والمدربين الكبار الذي يدافعون عن استقلال منطقة كتالونيا في المسار السياسي والانتخابي. ومن بينهم مدرب فريق بايرن ميونيخ الألماني بيب غوارديولا الذي أعلن مرارا مساندته لفكرة الانفصال. ولم يدافع فقط مدرب برشلونة السابق عن انفصال منطقة كتالونيا، بل انخرط شخصيا في لائحة انتخابية مستقلة تحمل اسم "التوافق الديمقراطي الكتالوني". وأكد غوارديولا أنه سيوظف شهرته في عالم الرياضة من أجل الدفاع عن الانفصال وذلك رغم كل الانتقادات الموجهة له، أبرزها تلك التي عبر عنها وزير الداخلية الأسباني جورج فرنانديز دياز الذي قال: "تحققنا أن بعض اللاعبين الذين تألقوا مع المنتخب الأسباني في السابق لم يقوموا بذلك دفاعا عن الألوان الوطنية بل لكسب المزيد من المال لأن ربهم هو المال". ورد غوارديولا عن هذه الانتقادات بالقول إنه "لو توفرت لديه الفرصة أن يلعب في منتخب كتالونيا لكرة القدم، لما انتظر ولو دقيقة واحدة"، مضيفا إن في زمانه لم يكن للأسف هناك منتخب لكتالونيا. "كتالونيا تريد أن تحكم نفسها بوحدها" لاعب آخر من فريق برشلونة أبدى حماسه واستعداده للتظاهر الجمعة من أجل استقلال الإقليم هو جيرار بيكيه مدافع فريق برشلونة. بيكيه صرح أنه معاد لغريم فريق، ريال مدريد، ليواجه انتقادات كثيرة ويتعرض إلى الشتم من قبل أنصار المنتخب الأسباني "لاروخا" بسبب التزامه السياسي. لكن هذا لم يقلل من عزيمة مدافع برشلونة، بل أكد أنه "سيواصل نضاله لصالح انفصال كتالونيا"، مشيرا في الوقت نفسه "أن الشتائم التي يتلقاها من أنصار ريال مدريد تتحول إلى موسيقى عذبة في آذانه"، مؤكدا "أنه يحترم كثيرا الفريق الوطني الأسباني ويقدم دائما الكثير من أجله، لكن هذا لا يمنعه من الدفاع عن فكرة استقلال كتالونيا".
وليست رياضة كرة القدم هي الوحيدة التي فرضت نفسها في النقاش السياسي في كتالونيا، فالأحزاب السياسية والناس العاديون في الإقليم لم يكتفوا بالدفاع عن هذه الرؤية، إيمانا منهم بأن كتالونيا قادرة على إدارة نفسها بنفسها خاصة وأنها تمر بطفرة اقتصادية لا مثيل لها وذلك خلافا عن الأزمة التي تمس باقي أسبانيا. وللتذكير فإن كتالونيا نظمت في 2014 أول استفتاء رمزي في تاريخها شارك فيه أكثر من مليوني شخص. وجاءت النتائج وفق التوقعات إذ صوت 80.70 بالمئة لصالح الانفصال. وقد اعتبر رئيس الإقليم، أرتور ماس، آنذاك أن التصويت كان "ناجحا ويثبت أن كتالونيا تريد أن تحكم نفسها بنفسها". فهل سيتحقق هذا الحلم في الانتخابات الإقليمية المقبلة؟