يوجد نادي برشلونة في مفترق طرق مثير جدا، ذلك أن الاستفتاء المعلن في كاتالونيا قد يعصف بمكانته من الدوري الإسباني، بعد أن تعالت الأصوات المنادية بالانفصال، سيما بعد أن أعلن المسؤولون عن الليغا أن قرارهم جاهز بخصوص «الطرد» في حال اتخذ الكاتالان موقفا انفصاليا عن إسبانيا، في استفتاء نونبر. المباراة التي جرت، نهاية الأسبوع، بين البارصا وبلباو، كانت ذات حساسية كبيرة جدا، ذلك أنها أُعلن مباراة للانفصال، سيما وقد اختار أشبال لويس إنريكي اللعب بقميص له ألوان خاصة، تلك التي تعبر عن الانتماء إلى الإقليم عوض الدولة، وفي مقابل ناد آخر له نفس النزعة. البارصا.. السلاح القوي للمدافعين عن الانفصال.. لعل نادي برشلونة، ممثلاً بفريقه لكرة القدم، هو أقوى الأسلحة التي تحاول من خلالها كتالونيا إيصال رسالتها بالاستقلال، معتمدة على شهرة هذا الفريق عالمياً، وشهرة نجومها الكتلان أيضاً. منتخب كتالونيا هو أحد هذه الوسائل أيضاً، ولو بأهمية أقل، لكن يبقى هذا المنتخب حاضراً عبر المباريات الودية لمواصلة إيصال رسالة الاستقلال التي يحلم بها كل كتلوني. وللعلم، فقد تشكل أول منتخب رسمي للإقليم عام 1904، ولعب حينها مع عدة فرق محلية، قبل أن يلعب أول مباراة دولية ودية ضد المنتخب الفرنسي عام 1912 في باريس خسرها 7-0. ومنذ تأسيسه خاض المنتخب أكثر من 200 مباراة ضد فرق ومنتخبات عالمية، وكان أبرزها ضد الأرجنتين في عدة مناسبات والبرازيل ونيجيريا وتونس وكولومبيا والإتحاد السوفياتي وتشيلي وفرنسا والدنمارك وغيرها. أما أشهر مدرب قاد العارضة الفنية للمنتخب الكاتالوني لكرة القدم فكان هو الهولندي يوهان كرويف، الرجل الذي أحدث ثورة في نادي البارصا، ويدرب الفريق حالياً هو لاعب برشلونة السابق جيرارد لوبيز. وبسبب عدم اعتراف الفيفا ولا الإتحاد الأوروبي بهذا المنتخب، فقد وجه الدعوة لبعض النجوم كي يلعبوا بقميصه بعض المباريات، كالدبابة البلغارية خريستو ستويشكوف ويوهان كرويف وألفريدو دي ستيفانو الذي كان لاعباً في برشلونة حينها وأندرياس انيستا، وغيرهم. غوارديولا يدخل على الخط: «الاستفتاء هو الحال»… قبل أيام فقط، جدد الإسباني جوسيب غوارديولا، المدير الفني لفريق بايرن ميونيخ الألماني، دفاعه العلني عن فكرة إجراء استفتاء على استقلال إقليم كتالونيا عن إسبانيا، معبرا بذلك، وبصوت عال، عن الفكرة التي تدور في أكثر من رأس بالإقليم، وتستعد الأغلبية للدفاع عنها بقوة. وظهر غوارديولا في مقطع فيديو، بثته وسائل الإعلام الإسبانية، يطالب فيه مواطني كتالونيا بالمشاركة والإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المقرر في التاسع من شهر نونبر المقبل، لحصول إقليم كتالونيا على الاستقلال عن إسبانيا. وقال المدير الفني الشهير ب»التكي تاكا»: «التعبير التام عن الديمقراطية يجب أن يكون من خلال التصويت في الاستفتاء»، في إشارة منه إلى هذا الاستفتاء الذي تعتبره الحكومة الإسبانية، بقيادة رئيس الوزراء ماريانو راخوي، إجراء غير دستوري. وجاء بث هذا المقطع قبل أسبوع واحد عن احتفالات العيد الوطني في إقليم كتالونيا، حيث نادي البارصا هو المحرك الرئيس كرويا، بما يضمه من نجوم عالميين كبار، والذي كان متوقعا له أن يصبح بمثابة مظاهرة ضخمة لتأييد فكرة الاستقلال، وهو ما كان بالفعل. ولم يسبق لبيب غوارديولا، اللاعب السابق ببرشلونة والمنتخب الإسباني والمدير الفني السابق لبرشلونة، أن أخفى اتجاهاته بهذا الشأن، إنما استغل المناسبة كي يؤكد رأيه في الموضوع الذي بات يزعج المركز الإسباني في مدريد أكثر من أي وقت مضى. بيكي والآخرون.. الشهرة في خدمة الانفصال.. نشر جيرارد بيكي، اللاعب الشهير في برشلونة، سيما لعلاقته مع المطربة الكولومبية ذاعئة الصيت، شاكيرا، صورا له برفقة ابنه ميلان، وهو يرتدي قميص برشلونة الأصفر والأحمر، الذي يرمز إلى العلم الوطني الكتالوني، على مختلف صفحاته الاجتماعية عبر شبكة الإنترنت. وأكد بيكي، في تصريحات خاصة، أنه لم يعش في حياته أجواء للعيد الكتالوني بهذه الطريقة التي وصفها ب «المميزة»، حيث خرج مع مواطنيه في الإقليم، إلى إحدى ساحات المدينة المشهورة، ورددوا الكثير من الأهازيج والأغاني المطالبة بالاستقلال. وإلى جانب بيكي، نشر عدد من لاعبي فريق برشلونة، أو اللاعبين الكتالان، صورا لهم بالعلم الكتالوني، تأكيدا منهم على تمسكهم بهويتهم، وهو ما يضايق كثيرا الحكومة الإسبانية التي ترفض فكرة استقلال الإقليم الكتالوني كونه أنشط إقليم في الدولة الإسبانية. المشترك بين بيكي وغيره من اللاعبين الذين يحملون، أو سبق لهم أن حملوا، ألون البارصا، أنهم جميعا يؤمنون، وبشدة، بفكرة الانفصال، وضرورتها حتى تبقى لإقليمهم خصوصياته، معتبرين أن قميص النادي الذي يلعبون له ينبغي أن يكون في خدمة قضيتهم الأولى والمركزية، وليس العكس. هل تفقد البارصا مكانتها في الدوري الإسباني.. سبق لرئيس رابطة الدوري الإسباني "الليغا"، خافيير تيباس، عن إمكانية إقصاء نادي برشلونة من الدوري إذا أعلن إقليم كتالونيا استقلاله التام عن السيادة الإسبانية، حسب ما تقتضيه قوانين الاتحاد الإسباني لكرة القدم. وأكد تيباس، في حوار مع صحيفة "آس" الرياضية، أن برشلونة لن يكون الفريق الوحيد المستبعد من الدوري الإسباني، بل سيشمل الأمر كذلك جميع الفرق الممثلة لإقليم كتالونيا، مثل نادي إسبانيول وخيمناستيك تاراغونا. وأبرز تيباس أن الحل لبقاء برشلونة في الدوري الإسباني يكمن في "تعديل قانون الرياضة بإسبانيا، ليتضمن السماح لفرق الإقليم بالمشاركة بالمسابقات الإسبانية"، على غرار فرق إمارة أندورا، والتي تنافس فرقها ضمن الدوري الإسباني. وشدد تيباس على أن موقف النادي الكتالوني لا مجال لمناقشته، إذ فور إعلان استقلال كتالونيا عن السيادة الإسبانية، في حال وقوع ذلك، يصبح الفريق مستبعدا من الليغا، إلا إذا سبق ذلك اتفاق بين الأطرف المعنية. ومعلوم أن إقليم كتالونيا يسعى، منذ فترة طويلة، للانفصال عن إسبانيا، نظرا لوجود اختلافات ثقافية ولغوية بينهما، بالإضافة إلى بعض الرواسب التاريخية والسياسية، خاصة من عهد الجنرال فرانكو وذكرى الحرب الأهلية التي عمت إسبانيا في ثلاثينات القرن العشرين. الحكومة في مدريد تخشى التدويل من النادي.. لم يكن الخوف من استقال كالتولنيا حكرا على المسؤول الأول عن الليغا، إذ أن الحكومة المركزية في مدريد عبرت، بدورها، من تدويل القضية الكتالونية بعدما قررت حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا إجراء استفتاء تقرير المصير يوم 9 نونبر المقبل للبقاء أو الانفصال عن إسبانيا. ويبقى عامل التدويل الذي من الصعب التحكم فيه هو فريق برشلونة ونجومه، وعلى رأسهم المدرب السابق الشهير بيب وارديولا، الذين بدورهم يدافعون عن الانفصال، وبشكل علني، ومثير للانتباه، سيما في عالمي الفايسبوك وتويتر، حيث الانتشار السريع مضمون مائة في المائة. وبدأت قضية كتالونيا تشهد نوعا من التدويل في الإعلام الدولي وكذلك لدى أحزاب ومنظمات أوروبية بسبب ما قد يترتب عن المواجهة السياسية الحالية بين كتالونيا والحكومة المركزية، ولكن التخوف الحقيقي للحكومة المركزية يأتي من فريق برشلونة لكرة القدم الذي يمثل ما يعتبره البعض رمزا من رموز استقلال كتالونيا عن اسبانيا وسلاحا حادا للدعاية السياسية بسبب شهرة الفريق عالميا. وأعلنت حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا، وأحزاب موالية لها قبل أيام، عن نيتها تنظيم استفتاء تقرير المصير للبقاء ضمن اسبانيا أو الانفصال، بل بدأت عمليا في إعداد لوائح التصويت على الاستفتاء. وكشف استطلاع للرأي، نشرته جريدة الموندو أمس الأحد أن 43 في المائة، من سكان كتالونيا يرغبون في أن يصبح إقليمهم دولة بينما يعارض ذلك 39 في المائة، ومن ضمن المعارضين من يفضل النظام الفيدرالي مع إسبانيا. تظاهرة كبيرة في شوارع برشلونة.. تقدمها لاعبون يوم الخميس الماضي لم يكن لينسى بالنسبة إلى مواطني إقليم كاتالونيا الإسباني، إذ شهد تنظيم أكثر من نصف مليون شخص لمظاهرة سلمية كبيرة، تتزامن عيد الإقليم، وتطالب بالانفصال عن المركز، حتى إن خط المسيرة نفسها كان على شكل حرف «V» التي ترمز إلى الاستفتاء المقبل. وهكذا خرج آلاف الأشخاص، يتقدمهم لاعبون نجوم من نادي برشلونة الإسباني (أبرزهم بيكي)، إلى شوارع برشلونة لدعم الاستفتاء المقبل بشأن استقلال كاتالونيا، وهو الاستفتاء المقرر إجراؤه يوم 9 من شهر نونبر من العام الجاري. وقال رئيس حركة الجمعية الوطنية الكاتالونية كارمي فوركاديل: «نريد اتخاذ القرار بأنفسنا في ما يخص سياستنا ومستقبلنا. لقد استرددنا سيادتنا (بحصولنا على الاستقلال في الساحة السياسية)، وأدركنا أننا نملك قدرة كبيرة للتأثير على مجرى الأحداث». ولا تستبعد السلطات الإقلمية إمكانية إجراء التصويت على شكل استطلاع وطني وليس استفتاء، لأن المحكمة الدستورية الإسبانية أعلنت الاستفتاء غير شرعي، وأشار رئيس الوزراء ماريانو راخوي، ومسؤولون آخرون في الحكومة، مرارا إلى أنهم لن يعترفوا بالنتائج، بما أن الاستفتاء نفسه غير معترف به. وعلق رئيس الحكومة الإقليمية أرتور ماس على المظاهرات، قائلا: «ما يجري اليوم لا يعتبر تحديا للدولة، بل هو مطالب غالبية المجتمع الكاتالوني»، مشيرا بذلك إلى أنهم ماضون في تحقيق مرادهم. وتجدر الإشارة إلى تفاقم التوتر في كاتالونيا حول الانفصال عن إسبانيا عشية الإعلان عن استفتاء الاستقلال في اسكتلندا، الذي سيجري يوم 18 شتنبر. وأشار ماس إلى أن النتيجة الإيجابية في اسكتلندا ستدعم الحملة المماثلة في كاتالونيا، وستخلق الظروف للاعتراف الدولي بها، ودخولها في الاتحاد الأوروبي.