بعض من رجال السلطة يصطادون في الماء العكر و يرتكبون أخطاء جسيمة أثناء أداء مهامهم ، لا يمكن أن يرتكبها إلا الأغبياء ، لكونهم لم يستوعبوا بعد التحولات السياسية التي شهدها المغرب طيلة السنوات الأخيرة ، ولم يدركوا أيضا تطور وعي المواطن المغربي وأجواء حقوق الانسان واتساع فضاء الحريات ، والتعليمات الملكية المشددة على القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة المقررة في الدستور الجديد ، فضلا عن صدور عدة دوريات عن وزير الداخلية تشدد على تنفيذ القانون والالتزام به وإعطاء للسلطة مفهوما جديدا. فهؤلاء الذين نقدر وظيفتهم و مسؤولياتهم في السهر على التدبير اليومي لشؤون الناس ، يحملون رسالة عظمى ، تتجلى في خدمة المواطن على عدة مستويات ، في نطاق الاختصاصات الموكولة لهم . وإذا كان عدد كبير من رجال السلطة ، في وقتنا هذا ، قد برهنوا على نجاحهم في ترجمة المفهوم الجديد للسلطة في تدبير شؤون المواطنين و مشاكلهم ، فإن البعض مازال يمارس السلطة بالمفهوم القديم ، من خلال التعسف والقمع والاستبداد و الترهيب . ونذكر في هذا السياق حدث باشا مدينة الشماعية الذي اعتدى على رجل التعليم المدعو حسن تمغارين ، الحارس العام بإعدادية السلطان مولاي الحسن، أثناء مزاولة هذا الأخير لمهامه داخل هذه المؤسسة التعليمية ، ، عندما حاول منع الباشا من تصوير مرافق المؤسسة دون الحصول على إذن من المصالح المختصة لوزارة التربية الوطنية بالإقليم ، لتتطور الأمور بعد ذلك إلى لكمة وجهها رجل السلطة إلى وجه رجل التعليم – حسب ماتداولته الصحافة المكتوبة والالكترونية - . والحدث الثاني يتعلق بقائد "سيدي بطاش" ابن الجنرال ، الذي تم توقيفة من قبل وزير الداخلية، على خلفية تسببه في انتحار أحد شباب سيدي بطاش بعدما أقدم على حلق شعره غصبا، وذلك بعد عقد مجلس تأديبي أصدر قرار التوقيف. حيث سبق لمصالح وزارة الداخلية أن أمرت بفتح تحقيق بخصوص هذه الواقعة ، أثبت تواجد شطط في إستعمال السلطة من طرف القائد المذكور، وكذا إستعمال نفوذ والده . إنها تصرفات مسيئة و شاذة تتنافى مع شعار المفهوم الجديد للسلطة ، وهي تصرفات معزولة ، لا يمكن أن تنسب للدولة ، لأن الإدارة الترابية ، في جميع الأحوال ، تطورت في من الأسوأ إلى الأحسن ، ولا يمكن إنكار ذلك إذا كنا فعلا موضوعيين. إننا نقدر الأدوار المهمة التي يؤديها رجال السلطة في السهر على الأمن والنظام العام وإدارة مشاكل السكان وقضاياهم ، ولا ننكر المجهودات الجبارة التي يقومون بها ، ليل نهار ، من أجل راحة المواطنين وسكينتهم ، في إطار الوطنية الصادقة ، وهي أدوار لا تختلف عن أدوار رجال الأمن والقوات المسلحة والدرك الملكي . لكن يجب أن يشعر هؤلاء بأنهم مواطنين قبل كل شيء وبأنهم يتقاضون رواتبهم الشهرية وتعويضاتهم من إيرادات الدولة التي تتكون أساسا من الضرائب والرسوم المؤداة من جيوب المواطنين . إذن ، فرجال السلطة هم في خدمة الوطن والمواطنين ، في إطار ما يقرره الدستور والقانون ، دون تعسف أو استبداد او اهانة لكرامة المواطنين. - ناشط حقوقي ورئيس مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية