أمام الفشل الذريع في معالجة قضية الحجاب بإسبانيا معالجة سياسية محضة بإعادة النظر في الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية ومحاولة إيجاد حل قانوني يرغم جميع الأطراف للامتثال للقوانين في غياب أي قانون يحضر منع الحجاب داخل المؤسسات العمومية، تم الرمي بالكرة في قلب ملعب الطرف الآخر وهو الجمعيات والمؤسسات الدينية الإسلامية بإسبانيا. وتم توجيه مطلع الأسبوع المنصرم نداء لكافة الجمعيات الإسلامية وخطباء المساجد من أجل تخصيص خطبة الجمعة لقضية القاصر نجوى ومنعها من التمدرس بفعل إصرارها على ارتداء الحجاب، وهو ما تحول إلى فتاوى وتفسيرات للحجاب في حد ذاته في غياب اتفاق وتنسيق بين هذه الجمعيات الإسلامية، لتقع بذلك في الفخ الذي نُصِب لها والمتمثل في خلق بلبلة داخل هذه الجمعيات الإسلامية بخصوص قضية الحجاب نظرا لتعقيداته واستحالة وجود وجهة نظر موحدة لدى الفقهاء وأئمة المساجد. ومن وجهة النظر هذه نستطيع فهم الاهتمام الإعلامي الكبير المدفوع سياسيا في الخفاء، على مواكبة خطبة يوم أمس الجمعة داخل المساجد والاتصال المكثف برؤساء وزعماء الجمعيات الإسلامية بمختلف مشاربها داخل إسبانيا في محاولة لاقتناص أدنى فكرة قد تكشف عن تناقضات داخلها بخصوص الحجاب، إذ أن الدافع الرئيسي لا يكمن البتة في إيجاد حل لقضية الحجاب بين مواعظ وإرشادات أئمة المساجد، بل منح وإقناع الرأي العام ولاسيما الاسباني منه بأن أهل الدار نفسهم (مسلمي إسبانيا) غير متفقين على قضية حساسة كالحجاب إذ ينظر إليها البعض على أنها حط من كرامة المرأة ورمز من رموز تبعيتها وتخلفها والبعض الآخر على أنه اختيار شخصي يدخل في باب الحريات الشخصية والدينية. وبذلك تكون الجمعيات الإسلامية والهيئات الدينية بإسبانيا قد وقعت في المصيدة الإعلامية التي نصبت لها عن سبق إصرار وترصد وكشفت عن تضارب آرائها ومآربها وغياب صوت موحد قادر على تمثيل المسلمين وتأطيرهم تأطيرا عقلانيا في مثل هذه الظرفيات الصعبة التي تمر منها الجالية العربية والمسلمة. وذكر بعض المراقبين المتتبعين للشأن الديني والسياسي الإسباني لأندس برس أنه كان حريا بهذه الجمعيات تركيز كافة جهودها على الدفاع عن حق أبناء الجالية المسلمة بإسبانيا في التعليم والتمدرس في ظل غياب أي قانون وطني واضح ينظم طريقة اللباس أو يفرض عدم ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التعليمية، والضغط على جميع المؤسسات، التي تجعل من قانونها الداخلي المبني على خلفيات عنصرية وتمييزية قانونا أسمى، لمراجعة هذه القوانين والاحتكام لمبادئ الديمقراطية والمواثيق الدولية.