على الحكومة الهولندية أن تتوقف عن اعتبار السلفية تهديدا للأمن الوطني. هذا ما يعتقده عالم الأنثروبولوجيا الهولندي مارتين دي كونينغ، الذي شارك مع مؤلفين آخرين بتأليف كتاب عن الحركة السلفية. "إذا تعاملت مع السلفي على أنه تهديد وحسب، فأنت تسهم بزيادة خطر التطرف". يدرك مارتين دي كونينغ جيدا مدى ما ينتاب المجتمع الهولندي من مخاوف بسبب السلفية. "محمد بويري، الذي قتل المخرج السينمائي تيو فان خوخ في الشارع في عام 2004 ، كان سلفيا، وكذلك الشباب الذين يذهبون إلى سوريا للمشاركة في الجهاد هم أيضا سلفيون"، يوكد عالم الأنثروبولوجيا، إلا أنه يوضح أنه على المجتمع الهولندي أن يدرك جيدا أن السلفيين الخطرين لا يشكلون سوى أقلية صغيرة داخل الحركة السلفية. "الشريحة الكبرى هي ضد استخدام العنف. كما أن أبرز الخطباء في المساجد السلفية الكبرى يرفضون فكرة ذهاب الهولنديين للقتال في سوريا". السلفية حركة إسلامية اصولية تسعى إلى الامتثال حرفيا لتعاليم القرآن وسنة النبي، وتحظى بشعبية كبيرة في هولندا في أوساط الشباب المسلم. يتابع مارتين دي كونينغ السلفيين بشكل وثيق منذ بدأ أبحاثه في أوساط الجالية المغربية في مدينة خاودا (وسط) في عام 1999. نشر دي كونينغ مؤخرا كتابا بالهولندية مشاركة مع زميله يواس فاخماكر وزميلته كارمن بيكر. "السلفيون جزء من المجتمع الهولندي، وحان الوقت ليكون صناع القرار والجمهور الهولندي أكثر اطلاعا حولهم". يرى دي كونينغ أن هناك أسبابا عدة تدفع هؤلاء الشباب نحو السلفية، ولكن من المؤكد أن المناخ السلبي الذي يحيط بالإسلام في هولندا يلعب دورا في ذلك . "لا يشعر هؤلاء الشباب بأنهم مقبولون في هولندا ويتساءلون: إلى أين أنتمي أنا؟ في المقابل يقدم السلفيون آفاقا مغرية لمجتمع مسلم واحد على نطاق العالم كله". من خلال أسلوب حياتهم البديل يعبر السلفيون عن انتقادهم للمجتمع الذي لا يقبلهم. يؤكدون على عيوب الافكار العلمانية في أوروبا الحديثة: التسامح الديني، مساواة المرأة والحريات الجنسية. "خصوصا في الدوائر المتشددة، يتكرر القول بأن الحريات الديمقراطية للدولة العلمانية يتم تطبيقها بشكل انتقائي ولا تنطبق على المسلمين. إذا اضطهدت اليهود أو المثليين تتعرض للمشاكل، بينما يمكنك قول ما تشاء عن المسلمين". يقدم السلفيون من خلال ملابسهم انتقادا للحرية الجنسية التي تؤدي، حسب رأيهم، إلى استغلال المظهر الخارجي للنساء. "النساء اللواتي يرتدين النقاب يفعلن ذلك لأسباب مختلفة. لكن جزءا من الرسالة التي يرغبن بتوصيلها من خلال النقاب هو: أنا أقرر من يستطيع رؤية جسمي". يظهر نمط حياة السلفيين رفضهم لقضايا يعتبرها المجتمع من المقدسات. الأمر الذي يثير الخوف والعدائية، وغالبا ما يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية. يجب على المجتمع، وبوجه خاص الحكومة، التوقف عن النظر إلى السلفيين على أنهم فقط مصدر تهديد. إذ "بذلك تدفعهم إلى العزلة مما يزيد من خطر تنامي التطرف. وهكذا تكون أنت قد خلقت عدوك بنفسك. وبالتالي، يجب عدم إغراق المتطرفين بمزيد من العزلة. بل على العكس، يجب السعي إلى إشراكهم أكثر داخل المجتمع والتواصل معهم". المصدر: شبكة أندلس الإخبارية-ميشيل هوبينك(بالإتفاق مع هنا صوتك)