في واحدة من أكثر فتواه جدلاً، أصدر الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، فتوى تبيح للزوج أن يترك زوجته فريسة للمغتصبين، إذا تيقن أنه لو دافع عنه، سيقتل، ونشر فتواه على موقع "أنا السلفي" الإلكتروني لسان حال الدعوة السلفية بالإسكندرية، والذي يشرف عليه برهامي شخصياً. وجاءت فتوى برهامي، رداً على سؤال من أحد السلفيين، قال فيه: "سمعتُ حضرتك تستدل بقصة إبراهيم -عليه السلام- المشهورة مع الملك الظالم على عدم وجوب الدفاع عن العرض، إذا كان الإنسان يغلب على ظنه أنه سيُقتل وتؤخذ زوجته أو ابنته، لأن في هذا مفسدتين، وفي فتوى سابقة قرأتُ لحضرتك أنك قلتَ في الدفاع عن المال: إنه إذا علم أنه سيقتل إن لم يعطِ اللصوص ماله، فلا يجوز له أن يقاتلهم أو يقاومهم، بل يجب أن يسلم لهم المال حتى لا يُقتَل... والسؤال: هل كذلك تقول حضرتك في العرض أن مَن علِم أنه يقتل وتغتصب زوجته أيضًا فيجب عليه ألا يقاتلهم أو يقاوم المجرمين؟ 2- ما الحكم لو كان الإنسان إذا دافع عن عرضه يعلم أنه مقتول لا محالة، لكنه سيحفظ عرض زوجته أو ابنته بقتل نفسه على أيدي المجرمين؟ فهل في هذه الحالة يكون قتاله لهم واجبًا عليه أم هذا يعتبر إكراهًا أو عذرًا في عدم الوجوب؟". أجاب برهامي على السائل، بأسلوب أثار جدلاً واسعاً في أوساط علماء الإسلام وغضب العامة من المصريين، وقال في فتواه: "الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فالنقل الذي اعتمدتُه في الإجابة المذكورة هو كلام الإمام العز بن عبدالسلام - رحمه الله- في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، وهو إنما ذكر وجوب تقديم المال لحفظ النفس، ولم يتعرض لمسألة العرض، ولكن مقتضى كلامه ذلك أيضًا؛ ولكن انتبه أن هذا الأمر إنما هو في حالة واحدة، وهي العلم بقتله وأن تغتصب، وأما مع احتمال الدفع؛ فقد وجب الدفع بلا خلاف". وأضاف: "هو في هذه الحالة مكره، وسقط عنه الوجوب على مقتضى كلام العز بن عبدالسلام -رحمه الله- وغيره، ولكن نعيد التنبيه أنه مع احتمال الدفع يجب الدفع، مع أن صورتك في السؤال صورة ذهنية مجردة؛ إذ كيف يكون غرضهم اغتصابها ثم إذا قتلوه لم يغتصبوها؟". الأزهر والفتوى إستنكر علماء الأزهر صدور هذه الفتوى، مؤكدين أنها تخالف صحيح الدين الإسلامي، وتناقض السنة النبوية الشريفة، وقال الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، ل"إيلاف" إن هذه الفتوى لا أساس لها من الشريعة الإسلامية في شيء، مشيراً إلى أن حفظ العرض والنفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية. الفتوى تناقض حديث الرسول وأضاف أن هذه الفتوى تناقض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد"، موضحاً أن الأصل هو الدفاع عن أعراض المسلمات، وليس الزوجة فقط، فإذا وضع الرجل في موضع للدفاع عن إحدى قريباته أو جاراته، وقتل فهو شهيد بنص حديث رسول الله الصحيح. ولفت إلى أنه هذه الفتوى تناقض أيضاً حديثاً آخر للرسول ورد فيه: "رجل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ان جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار". الدفاع عن العرض واجب على الزوج والأقارب، بل واجب على كل مسلم، وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ل"إيلاف" إن الأعراض من حرمات الله، ولا يجوز إباحة الإعتداء عليها بأية صورة من الصور، مشيراً إلى أن حديث الرسول واضح "من قتل دون عرضه فهو شهيد"، ولا مجال للإجتهاد مع النص الصريح. وأضاف أن الرسول قال أيضاً: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه. ومن كان في حاجه أخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"، أي أن المسلم لا يسلم الآخر إلى من يريد به سوءاً أو مكروهاً. ولفت إلى أن الدفاع عن الأعراض واجب، وليس جائزاً، منوهاً بأن فتوى إباحة ترك الزوجة للإغتصاب لا تستند إلى دليل صحيح. برهامي ويعرف عن الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، إثارته للجدل بشأن فتاواه، فهو صاحب فتوى تكفير الأٌقباط، ويعرف عنه الدفاع الشديد عن المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، ويتهمه الإسلاميون بنفاقه إلى حد كبير، لاسيما أنه أعتبر السيسي مرشحاً إسلامياً. وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي هشتاغ جديد بحق برهامي، اسموه "الشيخ العرض"، مع استبدال حرف "الضاد" بحرف "الصاد"، وتعني في اللغة المصرية الدارجة الشيخ الديوث