لم يتوقف رنين هاتفه البتة، فمسؤولياته الكثيرة تحتم عليه أن يكون قريبا من هاتفه أكثر من أسرته ؛ رمق ساعة يده لقد تأخر الوقت عليه أن يعود إلى بيته ، حيث زوجته و ابنته ذي السادسة عشر ربيعا تنتظرانه .زوجته و ابنته الفتا غيابه المتكرر ة انهماكه في عمله و اشغاله ؛ ما دام يوفر لهما عيشا رغيدا و حياة ترف و أسفار إلى بقاع العالم ؛ و ممتلكات . ولج بيته الفسيح صمت مطبق يخيم عليه أنها الثانية عشرة ليلا ؛ و زوجته و ابنته حتما تغطان في سبات عميق ، غير ملابسه و قبل أن يخلد بدوره هو للنوم ؛ شعر برغبة جامحة في أن يطبع قبلة على جبين اميرته ولو انها نائمة .صعد إلى غرفة منار ؛ و فتح الباب بروية لكي لا يزعجها و يوقظها ؛ و تقدم نحو سريرها بتؤدة ؛ و كم كانت مفاجأته كبيرة حين وجد فراش ابنته فارغا و سريرها مرتبا ؛ للوهلة الأولى ظن أنها في الحمام ؛ لكن الصمت المطبق فند اعتقاده ؛ فاتجه مسرعا إلى غرفة زوجته و ايقظها بشدة ؛ استيقظت مذعورة ؛ و صرحت :ما ذا وقع هل ضرب زلزال المدينة ؟ لم يمهلها فسالها و الغضب يهزه هزا :أين هي منار ؟ لم اعثر عليها في سريرها .شرعت زوجته تفرك عينيها لتطرد آخر إرهاصات النوم ؛ و عندما استوعبت سؤاله جرت لحافها وأرادت أن تستسلم له من جديد و هي تهمس:منار تبيت الليلة عند صديقتها نوال التي تحتفل بعيد ميلادها و أغمضت عينيها لم يمهلها كثيرا لتنعم بنومها حتى جذبها بقوة من ذراعها و طالبها بارتداء ملابسها ليذهبا إلى بيت نوال من أجل إحضار ابنتهما منار ؛ لن يغمض له جفن و ابنته ووحيدته تبيت خارج البيت .هنا امتقع لون الأم و بدأت تتمتم مرتجفة :و يحك الناس حتما نيام سنزعجهم في الصباح سأذهب لاصطحابها إلى البيت لا تقلق ؛ ابنتك في أمان . أحس بوخز الم في صدره ؛ إنه الغضب الجارف الذي يزمجر بداخله كيف تترك ام ابنتها تبيت خارج البيت ؟ و هنا همس له صوت خافت باذنه :كيف تنهمك في عملك ؟ كيف تلهث وراء المال و الممتلكات و تهمل أسرتك ؟ لم يغمض له جفن ؛ غدا سيتحدث مع منار لا يمكن لهذا التسيب أن يستمر . مع إشراقة أول خيوط الشمس ارتدى ثيابه ؛ و هو يتوجه إلى الباب صحبة زوجته ؛ رن الجرس ؛ ظن للوهلة الأولى أنها منار قد عادت ؛ ففتح الباب دون تردد فإذا بشرطي يسأله :هل أنت السيد خالد الوافي ؟ اجابه و قلبه يخفق بسرعة :نعم فطلب منه الشرطي :تفضل معي سيدي ابنتك في مخفر الشرطة ؛ ضبطت في حالة سكر طافح رفقة صديقها في وضع مخل بالحياء .أحس و كان نهاية العالم اقتربت ؛ و أصيب بدوار ؛ حاول ان يتماسك و بداخله تردد صوت صديقته التي وعدها بالزواج و سرق منها حياتها و فرحتها و هي تبكي بمرارة :لا تنس يا خالد انت طعنتني في أعز ما أملك ؛ كرامتي و سيكون جزاؤك من جنس عملك ؛ لا تنس يا خالد الله يمهل و لا يهمل