ليس أمرا سهلا على الإطلاق أن تتجرأ على محاولة الاقتراب من التابوهات المجتمعية، وتحاول كسرها، وفتح النقاش حولها داخل مجتمع يميل إلى المحافظة. هذا ما تفعله المخرجة المسرحية المغربية نعيمة زيطان مديرة فرقة "أكواريوم" المسرحية النسائية منذ سنوات. وهي تناقش مواضيع ساخنة من قبيل: الثقافة الجنسية، اغتصاب القاصرات، السياحة الجنسية، المشاركة السياسية للمرأة، الفتاوى الدينية، الإجهاض بسخرية سوداء شجاعة. موضوعات جعلتها عرضة لهجومات شديدة من طرف المتشددين الدينيين، وصلت إلى حد اتهامات بنشر قيم الانحلال في المجتمع. امتدت الانتقادات لتشمل جزءا من الوسط الفني والمسرحي الذي رفع شعار "الفن النظيف". وذهب إلى حد توصيف أعمالها ب "الإباحية" والمفتقدة إلى أية رسالة هادفة. "هنا صوتك" تستعرض أبرز محطات مسار المجموعة الجريئة عبر لقاء مع مديرتها نعيمة زيطان. مسيرة صعبة تتذكر زيطان البدايات الأولى لتأسيس المجموعة سنة 1994 في "لوبيرا" ( حي فقير في مدينة الرباط)، "حينما أسسنا فرقة مسرح أكواريوم، كنا نعلم مسبقا أننا لا ننجز عملا عظيما. علمنا أننا كنا نخوض مغامرة، وأن علينا إقناع جميع من حولنا بالأعمال التي سننجزها. كما كنا نعرف أن لا أحد سيهنئنا. بعد أول نص، عرفنا أننا ندخل في لعبة اسمها المسرح وسوف لن نخرج منها. وها نحن اليوم نمارس نفس الشغب، نزعج من يزعجه الفن ونفرح من يفرح له. في المعامل والسجون والمسارح والأسواق والمساجد، نلتقي بوجوه تطرح كل الأسئلة الممكنة". كانت 2013 بالنسبة للمجموعة، سنة حافلة بإيقاع صعب، كما تتذكر نعيمة زيطان في لقاء خاص مع "هنا صوتك"، حيث بصمت مسرحية "ديالي"، برنامج عروض المجموعة خلال هاته السنة. إذ كانت هذه المسرحية الأكثر إثارة للغط والجدل بإشارتها للحياة الجنسية للنساء المغربيات، وتمثلهن لعضوهن التناسلي من خلال تجسيد ما تم تجميعه من شهادات واقعية لنساء من أوساط اجتماعية مختلفة: "أعتقد أن كل عمل لابد آن يكون له جمهور يستحسنه وآخر يستهجنه. حق الاختلاف وارد ونحن نؤمن به، لكن علينا أن نتوجه أولا إلى المسرح ونشاهد العروض قبل أن نحكم عليه، وهو ما لايحدث غالبا، هناك فئة مشوشة تبني خطابها النقدي على الأخلاقي و الديني دون مشاهدة الأعمال. وهذا مؤسف للغاية"، تقول زيطان عن هاته الانتقادات. تحديات المستقبل لم تكتف المجموعة بهذا العرض المسرحي، بل قامت كذلك بتنظيم سلسلة من الموائد المستديرة والندوات، تناولت مواضيع شتى من قبيل الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي، الذي كان يبيح تزويج الطفلة القاصر بمغتصبها، والفن النظيف. تبدو عموما نعيمة زيطان، سعيدة بالحصيلة التي حققتها "أكواريوم" وإسهامها في خلق دينامية وحوار ثقافيين، "طاقمنا مرتاح لما أنجزناه، لكننا في الوقت نفسه ملتزمون بالمزيد من الإبداع، مع الحفاظ على نفس المستوى والأداء الذي عهده جمهورنا. كلمة سرنا هي: الجدية، الإبداع، احترام الأجندة". لكن طريق هذه الفرقة المسرحية النسائية المشاغبة، لا تخلو من صعوبات، رغم تمكن الفرقة من الحصول على مقر خاص بها، عن طريق الاقتطاع من عائدات العروض الفنية. وهو ما جعل عملها يصبح أكثر احترافية ومكنها من التعامل مع ممثلات محترفات. وفي مقدمة هذه الصعوبات، مدى قدرتها على الاستمرار كفرقة مسرحية مستقلة داخل حي شعبي بمدينة الرباط. فضلا عن تحدي ترويج أعمالها الفنية المنجزة: "نظام التذكرة لا يمكن الاعتماد عليه لتغطية جميع مصاريفنا، لذلك يتعين علينا في المستقبل البحث عن شراكات ووسائل تمويل أخرى"، تشرح زيطان. * *عماد استيتو لإذاعة هولندا الدولية