على ضوء التحولات المتسارعة التي تعرفها الساحة السياسية الإقليمية و الدولية في ظل الركود الإقتصادي العالمي و تباطئ النمو الإقتصادي الوطني و تزايد الإحتقان الإجتماعي جراء السياسات التقشفية للحكومة و تراجع الطلب الخارجي بالنسبة لبعض القطاعات المصدرة، بالإضافة إلى غلاء المعيشة جراء تخلي الدولة عن دعمها للعديد من المنتوجات الإستهلاكية و الطاقية ، إثر الضغوطات التي تعرفها الميزانية العامة للدولة وتفاقم العجز التجاري للمملكة وضعف وثيرة الإصلاحات التي جاء بها دستور 2011. فإن مختلف المؤشرات تأكد فشل الحكومة في الوفاء بإلتزاماتها و عدم قدرتها على تسطير برامج و بدائل جديدة تقطع مع نموذج التدبير الترابي والسياسات المالية و الإقتصادية المعتمدة و التي استنفدت أهدافها و أثبتت محدوديتها و عجزها عن مواكبة التحولات السالفة الذكر في ظل تنامي الفوارق الاجتماعية بالمغرب. و للوقوف على نواقص الأداء الحكومي بشكل مبسط، يمكننا استحضار تساؤلات مشروعة يطرحها الشارع المغربي و تمس الواقع المعاش بعيدا عن الديماغوجية و لغة الخشب. لماذا لم يتخذ رئيس الحكومة قرار التخفيض من أجور البرلمانيين والوزراء ولو بشكل رمزي تضامنا مع الملايين من المعطلين و الفقراء في ظل غياب تدابير اجتماعية فاعلة لتخفيف معاناتهم، كما فعلت العديد من الحكومات الديمقراطية التي تحترم شعوبها؟ لماذا لم يتم تفعيل الوعود الانتخابية في مجال العدالة الاجتماعية ولم تفرض ضرائب على الثروة خلال القانونين الماليين السابقين ؟ لماذا أصدر رئيس الحكومة العفو الشامل على الفاسدين و ناهبي المال العام ومهربي العملة الصعبة إلى الخارج دون استشارة الشعب؟ و لماذا أخلف وعوده السابقة باسترداد هاته الأموال لتخفيف عبئ المديونية الخارجية و تفادي الزيادة في الضرائب و المس بالقدرة الشرائية للمواطنين؟ لماذا لم يتم تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة في ترشيد نفقات البرلمان وتنفيذ الاقتطاع من أجور البرلمانيين المتغيبين بدون عذر وذلك كإجراء لإرسال إشارات قوية للأمة بخصوص تخليق الممارسة السياسية، بدل العنف اللفظي و التبوريضة و غيرها من السلوكات التي تشيب تربية الأجيال الصاعدة و تفقد هاته المؤسسات لرمزيتها و قدسيتها ؟ لماذا الشرود و الضياع و غياب أي تصور للحكومة في مجالات تفعيل الجهوية المتقدمة و تدبير الشأن المحلي و ملف الوحدة الترابية و عالم المال و الأعمال و الدبلوماسية الخارجية و هي المداخل الأساسية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة و مندمجة ؟ أين هو تصور حكومة بنكيران وحزب العدالة و التنمية لنموذج الشراكة الاقتصادية مع الإتحاد الأوروبي و نظرتهم لمستقبل المغرب الإقتصادي و التجاري في ظل الصراعات الدولية و الإقليمية و تنامي الدور الإقليمي السياسي و الإقتصادي لدول الصين و روسيا و هل يتوفر الحزب ألأغلبي على لجان برلمانية و مؤسسات موازية قادرة على استشراف المستقبل و تدبير أمور الدولة ؟ أين هو تصور العدالة و التنمية لبناء نموذج دولة إسلامية عصرية حداثية ، اقترانا بالنموذج التركي؟ وما تعليقهم على فضيحة الفساد التي هزت الرأي العام التركي وأسفرت عن إقالة 10 وزراء بحكومة رجب طيب أردوغان ؟ أين هي التدابير التي اتخذتها الحكومة لضمان حقوق الطبقة الشغيلة و سهرها على استفادتها من تطبيق الحد الأدنى للأجور و الضمان الاجتماعي و الحق في الإضراب ؟ و لماذا جمد رئيس الحكومة الحوار الاجتماعي ؟ و أين الإتحاد المغربي للشغل الدرع النقابي للعدالة و التنمية من كل هاته الملفات؟ أم أن الحزب قام بتجميدها طيلة الفترة الانتدابية للحكومة و أضحت جزءا من الريع النقابي بالمغرب؟ ما هي استراتيجيات الحكومة بخصوص سياسة المدينة و أين هي العدالة بين الجهات و شعارات حكومة المغرب العميق و لماذا تستأثر جهات دون أخرى بميزانيات الدولة في مجالات النقل العمومي (التراموي) و غيرها؟ ما الجديد الذي جاءت به الحكومة لتأهيل قطاع النسيج في ظل تراجع مؤشراته و انعكاسها على مصدر مهم من العملة الصعبة و اليد العاملة بالمغرب و لماذا لا نستفيد من نموذج الجارة اسبانيا في هدا القطاع؟ ما إضافة حكومة بنكيران لتقويم برنامج المغرب الأخضر و أين نحن من الأمن الغذائي للمغرب وأي برامج لتطوير الصناعات الغذائية و ما الأوراش التي جاءت بها الحكومة في قطاع البحث العلمي الزراعي؟ ما هي الأجواء التي تطبع مناخ الشراكة بين الحكومة و الإتحاد العام لمقاولات المغرب، خاصة إذا ما استحضرنا الأزمة التي خلفها إقصاء ممثلي رجال الأعمال المغاربة من طرف بنكيران خلال الزيارة الرسمية للحكومة التركية بصحبة رجال الأعمال الأتراك للمغرب، و سعي رئيس الحكومة لإقصاء الجميع و تخطيطه لتسخير إمكانيات الدولة و ميزانياتها الاستثمارية لتطوير درعه المالي الدعوي وطنيا ودوليا؟ ما الجديد الذي جاءت به حكومة بنكيران في قطاع الصيد البحري للمستهلك المغربي و استفادته من الثروات السمكية بأثمان معقولة و في المتناول؟ و هل من برنامج تعاقدي قطاعي لتأهيل و تطوير هدا القطاع كما هو الحال بالبلدان الاسكندينافية؟ ما التدابير التي جاءت بها الحكومة للنهوض بقطاع التربية و التعليم و متى سيشرع المغرب للتحول للتعليم الرقمي و استعمال التكنولوجيا الحديثة في تكوين أجيال المستقبل؟ أي مشروع للحكومة لتنمية الوجهة السياحية المغربية و الرفع من عائداتها و مرد وديتها المالية؟ إدا ما استحضرنا آن السائح الأجنبي ينفق ما يعادل زهاء 1000 درهم فقط سنويا؟ ما تصور الحكومة لمشروع الشراكة جنوب-جنوب و ما التدابير المقترحة لتجاوز الخلافات مع الجارتين الجزائر وموريتانيا و أي تقييم للتصريحات المتفائلة والعبثية التي أصدرها وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني؟ أي مشروع مجتمعي للمغرب ؟ و ما موقع المرأة في مركز القرار و أية آفاق للعدل و الحريات في ظل التعثر الذي يعرفه ورش إصلاح القضاء ؟ كلها تساؤلات يتداولها الشارع المغربي في غياب حلول و بوادر حقيقية لدا حكومة بنكيران لإخراج المغرب من نفق الأزمة المفتعلة و اقتصار الأداء الحكومي على استعمال جيوب المواطنين لحل معضلة الموازنات المالية للحكومة عبر الرفع من الضرائب المباشرة و الغير المباشرة و توجيه بعض موارد الدولة عبر إجراءات محدودة موجهة لفئات بعينها بأغراض انتخابية و تضليل الرأي العام المغربي عبر اختلاق صراعات سياسوية و توزيع الاتهامات في جميع الاتجاهات مع كل ما يترتب عن دلك من هدر للزمن السياسي و تفويت لفرص تحقيق تنمية إقتصادية كفيلة بالتجاوب مع إنتضارات الشارع المغربي.