على إثر الأوضاع المزرية التي تعيشها جماعة "الدير" وجماعة "ناوور" بدائرة القصيبة إقليمبني ملال، الواقعتين بجبال الأطلس المتوسط، نظم سكان هذه المناطق متمثلين في الشباب والشياب مسيرة سلمية احتجاجية ضد سياسة الإقصاء والتهميش مشيا على الأقدام حتى الوصول إلى العاصمة الإدارية، عزم هؤلاء المحتجين تبخر بمجرد قطع العشرات من الكيلومترات والوصول إلى مدينة قصبة تادلة مساء الثلاثاء المنصرم حاملين راية الوطن وصور عاهل البلاد مرددين "عاش الملك". المسيرة استجاب لها أزيد من 90 شخصا من سكان الدواوير المنتمية للجماعة القروية "ناوور" و "الدير" المثخنة بالفقر الذي تجاوز العشرين بالمائة حسب أرقام شبه رسمية للمطالبة بفك العزلة ورفع التهميش عن منطقتهم، وتوفير الحد الأدنى من شروط الولوج للخدمات الأساسية كالصحة والتعليم التي تعاني نقص شديد حسب تصريحات الساكنة، وتعد هذه المسيرة والتي قطع فيها الغاضبون أزيد من 40 كيلومترا مشيا على الأقدام في اتجاه مقر مجلس البرلمان بالرباط شكلا جديدا من أشكال التصعيد التي هدد به السكان بعد أن تم منعهم في منتصف الطريق من إكمال مسيرتهم نحو مقر عمالة بني ملال في ماي الماضي، و اقتصرت تحركاتهم طيلة الأسابيع والشهور الماضية على التظاهر من أجل تلبية مطالبهم الأكثر إلحاحا. وفي موضوع ذي صلة ذكر أحد سكان ناوور ل"أندلس برس" أنهم يطالبون بوضع حد لمعاناتهم مع مؤسسة القرض الفلاحي بوكالة القصيبة التي استنزفت جيوبهم مضيفا، أنهم اكتشفوا مجموعة من التلاعبات والخروقات طالت ملفاتهم بنفس الوكالة مؤكدا نفس المتحدث أنهم طالبوا المسؤول عن الوكالة بضرورة حل المشكل لكن دون مجيب حسب تعبيره. بيد أن إحساس الغاضبين بعدم جدوى حوارهم مع المسؤولين في هذا الملف وعدم استجابتها لتطلعاتهم وأمالهم في الحصول على وعود ملموسة وواقعية قرروا الانكباب على ما أسموه النضال المستميت لتحقيق مطالبهم ومن ثمة تنفيذ مسيرة الثلاثاء كخطوة تصعيدية مجدية. وكان للمحتجين موعدا مع أحزاب اليسار في المدينة وجمعية حقوق الإنسان عبر من خلالها المتحدث باسم هذه الأخيرة عن تضامنهم ألا مشروط معهم وسيتابعونه كهيئات سياسية وجمعوية إلى آخر المطاف، منددين بتصرفات المسؤولين في ملفهم المطلبي الذي يناضلون من أجله. كما طالب المحتجون بتدخل المسؤولين على المستوى المركزي للاطلاع على أحوالهم وإنقاذهم من لا مبالاة مسؤوليهم من تهميش تعددت وجوهه وطال أمده بجماعتين لا تتوفر على الطرق المعبدة في وقت تعيش باقي المرافق الأساسية وضعا صعبا بسبب الخصاص الحاد في التجهيزات والموارد البشرية في مقدمتها الصحة والتعليم مما أسهم في تدني الخدمات وبالتالي تزايد نسب الأمية التي تفوق الخمسين بالمائة ووفيات الرضع و تهديد حياة النساء الحوامل لا سيما أثناء تساقط الثلوج في فصل الشتاء حينها تكون دواوير ناوور والدير معزولة عن العالم الخارجي. طول المسافة التي قطعتها المسيرة وأهمية الطريق الذي نهجه الغاضبون أربك المسؤولين على المستوى المحلي والإقليمي وجعل الأجهزة الأمنية تستنفر عناصرها خوفا من حدوث ما لا تحمد عقباه بقصبة تادلة. افترش المحتجون الأرض وناموا في الهواء الطلق بالمحطة الطرقية رغم أن بعضهم من كبار السن غير آبهين بحالة الطقس لليلة الثلاثاء الأربعاء، في انتظار نتائج الحوار الذي دعتهم إليه السلطات المحلية في شخص باشا المدينة فور وصولهم،و الذي طالبهم خلالها بتكوين لجنة تمثلهم، سيرافقهم إلى مقر عمالة بني ملال قصد ملاقاة والي الجهة مباشرة، هذا المطلب الذي قوبل بدون أي تردد رغم أن يوم الثلاثاء بدأ يوشك على الانتهاء. إلا أن عامل الإقليم حسب مصادر متطابقة طالب ممثلي الساكنة المحتجة إلى عقد اجتماع ظهر يوم أول أمس الأربعاء ريثما يتسنى له استدعاء المدير الجهوي للقرض الفلاحي للحضور في الاجتماع. استطاع المسؤولين الإقليمين إخماد غضب المحتجين، وتم ثنيهم عن مواصلة مسيرتهم إلى الرباط، استطاعوا تغيير وجهتهم التي صمموا على السير في دربها منذ خروجهم من منازلهم الطينية في صباح الثلاثاء المنصرم، لكن رسالتهم كانت كافية لتصل إلى الآذان الصاغية. فهل هل هذه المرة سيجد سكان جماعة ناوور والدير ما يريدونه مستقبلا ؟ أم أن الأوضاع ستستمر على ما هي عليه ؟ أسئلة سيكون لها جواب خلال الأيام القادمة. أندلس برس. قصبة تادلة. منير العماري