قال السوسيولوجي محمد الصغير جنجار، بأن المغرب المعاصر شهد تحولات عميقة مقارنة بالمغرب القديم، في محاضرة حول موضوع: "التحولات السوسيولوجية الكبرى للمغرب المعاصر"، والتي احتضنها المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، وذلك يوم السبت 9 فبراير الجاري بالرباط، والتي حضرها ثلة من الأكاديميين والمثقفين والطلاب. واستند جنجار على النموذج المعرفي الانثروبولوجي الذي طبقه أحد المفكرين الأوربيين لتفسير الثورات التي عرفتها كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا، لدراسة التحولات السوسيولوجيا في المغرب، والتي تشتغل على مؤشرات أساسية وهي مدى انتشار التعليم، الإصلاح الديني، والتحديث في المجتمع، ثم التحول الديمغرافي. وركز الأستاذ جنجار على مؤشرات فيها نوع من التوافق من قبيل التحول الديمغرافي، وانتشار التعليم، والتحديث داخل المجتمع، فيما ترك مؤشرات أخرى. ففي ما يتصل بالتحول الديمغرافي الذي اعتبره عاملا حاسم في كل المجتمعات وتتويجا لتحولات كبرى في المجتمع، أكد المحاضر بأن المغرب شهد ثورة ديمغرافية أعقبتها تراجعات في فترة الثمانينات، وستشهد نقلة نحو الشيخوخة في 20 سنة القادمة وفق مؤشرات عرضها على الحاضرين، ورصد على مستوى نفس المؤشر ارتفاع أمل الحياة، وتقلص في سن الزواج، وتراجع في الزواج داخل القبيلة والعشيرة، علاوة على بروز الفرد داخل المجتمع، وتقلص فارق السن بين الزوجين، وتفشي العزوبة، مما أدى حسبه إلى انتشار الأسرة النووية، وظهور أسر تحت إعانة المرأة، وظهور القيمة الرمزية للطفل ليس كمورد للرزق كما في المغرب القديم. وأكد جنجار على مستوى المؤشر الثاني الذي يتعلق بالانتقال التربوي والإقلاع الثقافي، بأن المغرب ينتقل من مغرب تسوده الأمية إلى مغرب تتراجع فيه، مرجعا ذلك إلى مؤشرات ارتفاع التدريس، والدورة البيولوجية التي تأتي على الشيوخ الأميين، ورصد على مستوى هذا المؤشر انتهاء التمييز في التدريس بين الذكر والأنثى، حيث ظهر تفوقها في مجموعة من المستويات، وخلص إلى أن الشباب المتعلمين اليوم سيعيدون النظر في مجموعة من البديهيات المؤسسة للأسرة التي عرفت بدورها تحولا كبيرا، ثم عرج على مؤشر التحديث والذي أجمله في تنامي المجتمع المدني، وارتفاع الرأسمال المعرفي، والتأثير على الشغل، وحركية الناس، واللغة المشتركة في التداول. وعقد جنجار مقارنة عجيبة بين وضع تونس قبل الثورة، والتي كانت نسبة الطلاب فيها 300 ألف طالب في ساكنة قليلة، فيما المغرب الذي فيه حوالي 400 ألف طالب وهي نسبة ضعيفة مقارنة مع عدد السكان. وكان الأصل أن يكون عدد الطلاب فيه مقارنة مع ساكنة تونس بطلابها حوالي مليون ونصف، ليساءل لو كان هذا العدد الكبير في الجامعة من الطلاب هل سيكون المغرب في معزل عما حدث في تونس؟