منذ أن غزت الدراما التركية القنوات الفضائية العربية، وأصبح الجمهور العربي مهووسا بها إلى حد الجنون، ليس فقط بسبب الحبكات الدرامية والقصص المثيرة التى تتبناها الأعمال التركية، بل لأنها تعكس واقعا حالما يميل إلى الكمال فى كل تفاصيله سواء من حيث المشاهد الرومانسية فى العلاقات الزوجية أو الديكورات المنزلية الجذابة أو العلاقات الاجتماعية الطيبة وغيرها الكثير. بدأ مشوار نجاح المسلسلات التركية في الوطن العربي بمسلسل نور الذي أثار ضجة واسعة بسبب العديد من المعطيات الجديدة التي ادخلها على الدراما العربية. تفاجأ الجمهور العربي بعمل فني متكامل، تحت عناية ميزانية انتاج ضخمة وعدد هائل من الممثلين. ولكن الأهم من ذلك كله هو انبهار الجمهور العربي والسيدات على وجه الخصوص بطريقة معاملة بطل مسلسل نور الوسيم "مهند" لبطلة المسلسل "سنغول أودان". فوسط الواقع الروتيني الذي تعيشه المرأة العربية، وجدت النساء ،اللاتي يعيش معظمهن علاقة زوجية تتسم بالجفاء، في مسلسل "نور" آلة زمان مثالية تنتقل بهم لمكان وزمان آخر، يجدن فيه كل ما افتقدنه في حياتهن الواقعية من رومانسية واهتمام بتفاصيل دقيقة فى العلاقات الإنسانية. وكان "نور" الشرارة الأولى لانطلاق المسلسلات التركية وغزوها للعالم العربي، كما أنها كانت التجربة الناجحة الأولى التى دفعت المشاهد العربي لمتابعة الأعمال الدرامية التركية واحدا تلو الآخر دون كلل أو ملل طالما أنها ظلت تحتفظ بالمقومات والعناصر الدرامية الجذابة. وسنتحدث في الفقرات التالية عن أهم خمسة مسلسلات تركية أثرت في الجمهور العربي: نور مسلسل نور يحكي قصة فتاة بسيطة من الريف التركي، شاءت الظروف أن تتزوج من رجل ينتمي إلى نفس عائلتها، ولكنه يعيش بأسلوب حياة المدينة، ومتأثر بقصة حب قوية مضت. لتتطور الأحداث بعد ذلك إلى وقوعه في حبها ويتفنن في اظهار مشاعره الجميلة لها. العشق الممنوع يعتبر مسلسل العشق الممنوع من أكثر المسلسلات اثارة للجدل في تركيا، وتدور أحداثه حول ثري يتزوج من فتاة صغيرة السن (سمر) التي تقع بعد ذلك في حب ابن اخو زوجها القريب من عمرها، ويعيشا معا قصة حب ملتهبة تحت نفس السقف مع زوجها. وتتوالى الأحداث التي تؤدي في النهاية إلى انتحارها. سنوات الضياع تتحدث قصة مسلسل سنوات الضياع عن قصة حب تجمع بين شاب من عائلة شعبية بسيطة الحال يدعى يحيي وبين فتاة من عائلة ثرية جدا تدعى لميس ويواجه هذا الحب مصاعب كثيرة بسبب العداء بين عمر شقيق لميس وبين يحيي حبيبها بسبب رفيف زوجة عمر حيث إنها كانت على علاقة بيحيي قبل زاوجها بعمر ويصطدم هذا الحب بمخططات شريرة ولكنه في النهاية ينجح في التغلب عليها. فاطمة تم عرض مسلسل فاطمة بعد عرضه على البرلمان التركي نظرا لجرأة القضية التي يناقشها. ويحكي مسلسل فاطمة قصة فتاة ريفية تعرضت لحادث اغتصاب من 4 شباب من أبناء عائلات كبيرة. ويتطور المسلسل إلى أن تتزوج بيرين سات (فاطمة) مجبرة من أحد الجناة، الذي تظهر أحداث المسلسل أنه لم يكن مشاركا بالحادث. ويحاول الاثنان تصحيح المسار وإعادة فتح القضية بالرغم من اخفاء الأدلة والتهديدات المستمرة، إلى أن ينصف القضاء فاطمة ويعيدان اقامة حفل الزواج ويبدآن حياتهما معا من جديد. حريم السلطان يعتبر مسلسل حريم السلطان المسلسل التاريخي الأول في العرض على الجمهور العربي. ويركز على الجانب الانساني من حياة السلطان سليمان القانوني، الذي يعتبر من أهم سلاطين الدولة العثمانية حيث توسع بفتوحاته إلى ما يقرب من نصف العالم. ويحكي حريم السلطان قصة الحب بين السلطان سليمان وبين الجارية ألكسندرا، والتي تصبح بعد ذلك السلطانة "هيام" الزوجه الرسمية الوحيدة للسلطان، والتي عرف عنها قوة نفوذها وتأثيرها على السلطان، مما جعله في النهاية يتخلص من وزيره الأعظم ابراهيم، وابنه من زوجته الأولى "مصطفى. يرصد المسلسل الصراعات العنيفة داخل الحرملك بين "هيام" من جهة، والسلطانة الأم وزوجات وجواري السلطان، والسلطانة خديجة اخت السلطان سليمان من جهة اخرى. كما عرضت الشاشات العربية بعض المسلسلات التركية الأخرى التي لاقت استحسانا لدى العديد من المشاهدين ومنها: مسلسل عاصي، ميرنا وخليل، بائعة الورد، ويبقى الحب، على مر الزمان، سيلا، ونساء حائرات. خمسة أسباب أوقعت المشاهد العربي في حب الدراما التركية تجلت شهرة المسلسلات التركية فى الوطن العربي لأسباب عديدة، فوسط حديث المشاهدين المتكرر حول الحلقات الدرامية لأي مسلسل تركي، يمكن أن نخرج بعدد من السمات والعوامل التى أوقعت المشاهد العربي فى حب الدراما التركية نسردها فيما يلي: رومانسية حقيقية نقلت المسلسلات التركية مصطلح الرومانسة من القصص الخيالية والأحلام إلى عالم الواقع الملموس أمام المشاهدة العربية. فالسبب الأول وراء انجذابها للمسلسلات التركية كان للهروب من الواقع، وخوض تجربة رومانسية فريدة حتى وإن دامت ساعة واحدة في اليوم. أبطال المسلسل منذ أن ظهرت الدراما التركية وزاد انتشارها بالمجتمع العربي، ولا يخلو قلب فتاة عربية من حب أحد أبطالها الذي عادة ما يكون وسيما وفياض المشاعر وحنونا وشجاعا مثل مهند وكريم ويحيي ، هى صفات تتمناها المرأه فى أي رجل. وعلى الجانب الآخر، عادة ما يتم اختيار بطلات فاتنات للغاية وسرعان ما تتحول كل منهن إلى فتاة أحلام كل شاب مثل الجارية "هُيام وسمر ولميس". فضلا عن كل ذلك، ينجح أغلب مخرجي المسلسلات التركية فى توظيف أبطال المسلسل لإداء العمل الدارمي بطريقة صادقة تجعل المشاهد يتابع الأحدث وكأنه يعيش فيها. ميزانيات إنتاج ضخمة لعل أحد الأسباب الأخرى وراء انبهار المشاهد العربي بالدراما التركية، الصورة التى يتم من خلالها تقديم دولة تركيا خلال العمل الدرامي، فنجد أن هناك حرصا شديد في اختيار أماكن للتصوير لا تخلو من المناظر السياحية الجذابة، وكذلك تصميمات فخمة لديكورات البيوت، وملابس أنيقة للأبطال وغيرها من العناصر اللافتة والجذابة في العمل الدارمي والتى تدل على تخصيص ميزانيات إنتاج ضخمة تهدف إلى الترويج لتركيا سياحيا. الملابس ذوق الممثلين الأتراك الرفيع في اختيار الملابس كان من أهم العوامل المؤثرة في جذب الملايين من المشاهدين إلى المسلسلات التركية. هذا إلى جانب ظهورهم بشكل طبيعي غير مبالغ وذلك لهدوء المكياج وبساطته وتصفيفات الشعر الرائعة التي أضفت جاذبية وجمالا إليهن. العلاقات الاجتماعية وجد المشاهد العربي فى المسلسلات التركية دروساً قوية في تعلم "فن التعامل مع الآخر"، فقد حرصت على إلقاء الضوء على فكرة الارتباط الأسري وصلة الرحم واحترام الكبير في العائلة، واحترام الأبناء وعدم تجاهل مشاعرهم واحترام أفكارهم ، كما نجد أن أغلب الأعمال التركية خلت من الألفاظ الكلامية الجارحة أو البذيئة، حتى بين الأعداء. فالعلاقات الاجتماعية داخل المجتمع التركي أصبحت أشبه بالحلم الجميل البعيد عن وطننا العربي رغم أنها موجودة فى تعاليم الأديان السماوية جميعاً.