تستمر «ميدي 1 تي في» في الاستثمار الاجتماعي، نقاشاً وحواراً، عبر ما تسميه «سياسة التقاسم والقرب». ويبدو أن النجاح الكبير الذي لقيه برنامجها الرئيسي «بدون حرج»، شجعها على السير على خطاه. ويراهن البرنامج على انخراط الجمهور الواسع وتشجيعه على الكلام والمشاركة بما لديه مما يستحق أن يُسمع ويمكن تقاسمه مع الآخرين في إطار ما يصطلح عليه بتجارب الحياة ودروسها. ويظهر أن الهامش الكبير للحرية والتعبير في شتى المواضيع المهمة والقريبة من اهتمامات الناس، كان عاملاً حاسماً في هذا التوجه، وهو ما يسمح بالتطرق إلى أكثر الأمور حميمية، ولو اتسمت بالتعارض مع العادات والأخلاق العامة والسلوك المتوافق عليه. البرنامج الجديد « قصة الناس» ينحو المنحى ذاته، ولكن مع تخصيص حلقات للأمور الحياتية التي لا تمسّ الممنوع بالضرورة، أي تلك التي تتعلق بالممارسات الفردية «البريئة» والخاصة فقط. وهنا يتجلى الجديد الذي أضافه، فالأساس ليس البحث عن الإثارة بأي ثمن، إضافة إلى برمجته اليومية من الإثنين إلى الجمعة خلال فترة الذروة. وهنا تتبدى مشكلته التي إن تجاوزها سيحقق نجاحاً كبيراً. فهل من السهل إعداد برنامج في شكل يومي مضمون النجاح؟ يفترض ذلك وجود فريق إعداد كبير. والأهم أن تكون الحكايات فريدة نوعاً ما، وتتضمن تجربة غير مألوفة، تجعل المشاهد يتواصل معها ومع وقائعها، إذ لا يكفي الحديث فقط، أو وضع الأسئلة وانتظار الأجوبة، كما لا يكفي توجيه سؤال الى اختصاصيين في مجالات محددة، مثل علوم الاجتماع والنفس والطب وما شابه مما يتعلق بهموم الناس. الحلقات الأولى تناولت ظاهرة «السمنة» و «الكذب» و «أصهاري يتدخلون في حياتي الزوجية» و «حكايتي مع الشارع» و «ابني يحوّل حياتي إلى جحيم». وبهذا تبدو الحلقات متكئة حيناً على ظاهرة مجتمعية خطيرة، وحيناً على مشكلة شخصية تتطلب حلولاً ناجعة. أياً يكن الأمر، اتسمت الحلقات التي تابعناها بمقدار من المهنية وكثير من الارتجال الذي لا يبدو كله سلبياً، كما يُلاحظ أن اللغة الدارجة، وهي لغة التخاطب اليومي المحبذة في برامج كهذه، تؤدي دورها في خلق العفوية المطلوبة، لكن من الأفضل ضبطها ومراعاتها في البوح والاعتراف. «قصة الناس» تقدمه نهاد بنعكيدا، وهي مثقفة وشاعرة زجل معروفة، اخترقت مجال الإعلام وميدان السمعي والبصري، واستطاعت أن تخط فيه بداية جيدة منذ سنوات، سواء في الإذاعة أو في التلفزة. ترافقها في التقديم «المسيرة المقاولتية» نهاد رشاد، صاحبة «يوغا الضحك» في المغرب، والتي آلت على نفسها أن تقدم تجربتها ومهارتها في تشجيع الناس على البوح.