منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في تونس وحتى الآن احتلت أخبار الحراك الشعبي العربي غالبية مساحة الإعلام الاسباني المطبوع منه والمرئي والمسموع بحيث صارت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد في المرتبة الثانية من الاهتمام الاعلامي، بما في ذلك الصفحات الثقافية والتي أجرى بعضها لقاءات مع الكتاب العرب المؤيدين للثورة فقط أمثال علاء الأسواني ونوال السعداوي. كذلك حفلت الأوساط الأكاديمية بالندوات وورش الدراسة والتحليل المتفاعل بل وانطلقت من قسم الدراسات العربية والإسلامية في جامعة مدريد حملة لجمع تواقيع الأكاديميين والمثقفين على رسالة ستوجه إلى رئيس الحكومة الإسبانية تطالبه فيها بدعم ثورة الشعب المصري، فعلى خلاف الموقف الرسمي الحذر للحكومة وجدنا غالبية المثقفين والفنانيين والأكاديميين قد تعاطفوا مع الشعوب العربية منذ البداية وسطعت المواقف أكثر وضوحاً مع سطوع الثورة المصرية. مارتا سالدانيا، الاستاذة في جامعة مدريد والمختصة بالشؤون العربية والاسلامية ولها بحوث عن اليمن والبحرين والإمارات وغيرها قالت للجزيرة نت بأن هذه الثورات لم تفاجئها" لأن لها أسبابها، ومنها أن الأنظمة العربية الحالية قد أصبحت منهكة ووصلت إلى نهايتها فيما شعوب العالم العربي قد اختلفت عما كانت عليه قبل عشرين عاماً، فهي الآن أكثر شباباً وانفتاحاً وتواصلاً مع ما يجري في العالم وخاصة عبر التكنلوجيا الحديثة، الشعوب تغيرت بينما الأنظمة لم تتغير لذا كان لابد من أن تأتي لحظة المواجهة". وعن توقعاتها لما قد يحدث لاحقاً قالت" أعتقد بأن المظاهرات ستستمر إلى أن يرى الناس تغييراً حقيقاً وخاصة بعد أن شهدوا على فعاليتها في طرد الرئيس التونسي، هذا على الرغم من أن أصحاب المصالح والحكومات الغربية ستحاول الإبقاء قدر الإمكان على هذه الأنظمة أو مايشابهها. إن الثورات العربية قد كشفت عن النفاق الذي تعانيه الديمقراطية الغربية وخاصة ادعاء الولاياتالمتحدة بمناداتها للديمقراطية". أما عن التغطية الاعلامية فقالت بأن "قناة الجزيرة هي التي كسبت الجولة لأنها تختلف في طرحها عن مجمل الصحافة والقنوات الغربية التي تصر على مقارنة ما يحدث في مصر وتشبيهه بالثورة الإيرانية". أما الدكتور ماريو أوخيدا، استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة سانت لويس، والذي من أبرز كتبه تلك الخاصة بالثورة المكسيكية فقد أبدى تفاؤله بالثورة المصرية وعن أمله بامتداد تأثيرها على بقية العالم العربي، حيث قال للجزيرة نت " إن الديمقراطية هي من الواجبات التي تأخر العرب بأدائها وقد حانت لحظة أداء هذا الواجب، ولست مع المتخوفين من الإسلام، فمصر بلد مسلم ومتحضر وشعبها منفتح وواعي على التعامل مع العالم الحديث" وانتقد الموقف الغربي بالقول" إنه يطبق مقولة: شيطان نعرفه أفضل من ملاك لا نعرفه. عليهم أن يحترموا بل ويدعموا الإرادة الحقيقية للشعوب العربية لتختار الديمقراطية بنفسها وعلى طريقتها هي وليس على الطريقة الأمريكية التي سعت لفرضها، كما فعلت في العراق، فكان الثمن باهضاً والنتيجة زرع المزيد من الانقسامات وتفجير الصراعات داخل البلد الواحد". هذا فيما طغت البهجة والانفعال على المسرحية إلينا ديلغادو صاحبة مؤسسة تاكوارا المهتمة بفنون المسرح وموسيقى الشمال الأفريقي حيث وجدناها شديدة الحماس لانتفاضات الشعوب العربية ومشاركة فاعلة في المظاهرات الداعمة للثورة المصرية قائلة" إن هذا الذي يحدث لشيء رائع حقاً ويدعو للكثير من الأمل، أتمنى من كل قلبي أن يتمخض كل هذا الصبر الطويل للشعوب العربية وكل هذه التضحيات عن مستقبل يرقى لطموحاتها". أما الروائي ماريو غرانده فقد لخص لنا موقفه بالقول: " إنني أتابع بحماسة كل ما يجري لحظة بلحظة، لذا فأنا على أحر من الجمر، وبانتظار اللحظة التي سأتحدث فيها عن حسني مبارك بصيغة الماضي".