عكس كل التوقعات والتسريبات وتكهنات وكالة الاستخبارات الأمريكية، لم يتنحى الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة ولم يهرب إلى الخارج، ولكنه أعلن مساء اليوم الخميس، أنه متشبث بالسلطة وملتزم بالوفاء بتعهداته "للاستجابة لمطالب الشباب" المصري وضمان انتقال سلمي للسلطة في مصر، "بلد المحيا والممات". أما الشارع فأكد على تشبثه بمطلبه الرئيس ألا وهو رحيل مبارك وسقوط نظامه. وقال الرئيس مبارك في خطاب إلى الشعب المصري، أو "حديث من القلب" كما سماه، إنه فوض اختصاصاته لنائبه، عمر سليمان، مؤكدا للمحتجين إن مطالبهم "عادلة ومشروعة وأن "دماء الشهداء والجرحي لن تضيع هدرا"، وشدد على أنه سيعاقب المسؤولين عن المصادمات، كما وعد بتعديل الدستور قبل متم ولايته الحالية في شهر سبتمبر المقبل. وشدد الرئيس المصري على رفضه "للتدخل الخارجي" في إشارة إلى الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدةالأمريكية عليه للاستجابة لمطالب المحتجين، مما يوحي بأن الرئيس المصري سيحاول في آخر مناورة سياسة له بأن يعزف على وثر "المشاعر القومية والوطنية للمصريين". وأكد أنه لن يقبل "أي إملاءات خارجية مهما كانت المبررات"، معربا عن التزامه "بحماية الدستور حتى نقل السلطة لمن ينتخب" في سبتمبر/أيلول المقبل. وأعلن أنه طلب من البرلمان تعديل ست مواد دستورية وإلغاء المادة 179 من الدستور. وقال مبارك في خطابه إن الحوار الوطني قد أسفر عن توافق مبدئي في المواقف، وإنه يتعين مواصلته للوصول إلى خريطة طريق واضحة وفق جدول زمني لتحقيق انتقال سلمي للسلطة، قبل أن يعلن عن تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان حسب الدستور. وشدد على معاقبة المسؤولين عن المصادمات التي حدثت بين المتظاهرين وقوات الأمن والتي أسفرت عن مقتل العشرات في صفوف المتظاهرين. لكن مئات الآلاف من المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير لم ينتظروا انتهاء الرئيس من خطابه ليرددوا شعارات يطالبونه فيها بالرحيل والتنحي الفوري عن السلطة إلى جانب نائبه عمر سليمان، بل رفع العديد منهم شعارات للمطالبة بالزحف على القصر الرئاسي خلال المظاهرات الحاشدة المرتقبة ليوم غد الجمعة. وأظهرت قناة الجزيرة التي نقلت مباشرة خطاب الرئيس المصري والمشهد في ميدان التحرير كيف أن عددا من المحتجين رفعوا أحذيتهم إلى السماء في إشارة إلى استهجانهم لهذا الخطاب، في حين كان البعض الآخر يهتف "ارحل ارحل يا حسني مبارك" و"الشعب يريد إسقاطك يا رئيس". أما الأنظار فتتجه الآن صوب الجيش المصري الذي لم يقل بعد كلمة الفصل لتفادي سقوط البلاد في الفتنة.